-عواصم- عرب21:
شهد لبنان مؤخرًا تطورًا مهمًا في المجال المالي، مع تعيين كريم سعيد المصرفي والخبير في مجال إدارة الثروات ، محافظًا جديدًا على رأس مصرف لبنان المركزي، بعد أكثر من عام ونصف من شغور المنصب. ورغم التوقعات بأن يشكل هذا التعيين بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار المالي، إلا أن هذا القرار أعاد إشعال التوترات السياسية في البلاد، لاسيما بين الرئيس ورئيس الحكومة.
وفي 27 مارس 2025، حصل كريم سعيد على دعم 17 من أصل 24 وزيرًا في الحكومة اللبنانية، وهو ما يعكس دعمًا جزئيًا لمواقفه المالية. إلا أن رئيس الحكومة نواف سلام، الذي يعارض هذا التعيين، كان من بين الرافضين لتعيين سعيد ، مشيرًا إلى أن الرجل “لم يكن مرشحه” لأسباب تتعلق بحماية حقوق المودعين والحفاظ على أصول الدولة. وفي نفس السياق، فإن بعض المقربين من رئيس الحكومة، مثل نائب رئيس الحكومة طارق متري ووزير الثقافة غسان سلامة، قد عبروا عن معارضتهم لهذا التعيين.
المعركة السياسية حول تعيين سعيد تضاف إلى الأزمات الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان منذ عام 2019. ويأتي تعيينه في وقت بالغ الحساسية، حيث لا تزال الأزمة الاقتصادية تتفاقم، مع تقديرات تشير إلى أن الخسائر الناتجة عن الأزمة تتجاوز 70 مليار دولار، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا للجهات المسؤولة عن عملية الإصلاح.
وفي ظل هذا الوضع، يدعو الخبراء إلى ضرورة العمل بسرعة على وضع حلول جذرية. وفي هذا السياق، أعرب الاقتصادي إسحاق ديوان عن دعمه لتعيين سعيد ، مشيرًا إلى أن الرجل يمتلك خبرة قوية، داعيًا في نفس الوقت إلى منحه الفرصة وضرورة اتخاذ إجراءات سريعة.
لكن التحدي الأكبر الذي يواجه سعيد يتمثل في الأزمة المالية التي يعاني منها لبنان، حيث يرفض العديد من المودعين أن يتحملوا جزءًا من الخسائر، وهو الأمر الذي يهدد قدرة الحكومة على إتمام أي اتفاقيات مع الجهات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي.
من جهة أخرى، فإن تعيين سعيد لم يكن ممكنًا دون موافقة الولايات المتحدة، التي استعادت قوتها ونفوذها في لبنان بعد تراجع دور حزب الله إثر الحرب مع إسرائيل. وكان توقيت هذا التعيين ملفتًا، حيث تم في اليوم الذي قبيل زيارة رئيس الجمهورية جوزيف عون إلى باريس.
على الرغم من الدعم الدولي لتعيين سعيد ، لا يزال المشهد اللبناني يشهد انقسامات داخلية حادة، ما يثير تساؤلات حول مستقبل الاستقرار المالي والسياسي في لبنان.



