بقلم ابوبكر الصغير.
تونس اليوم تودّع رجلا استثنائيا أخا و صديقا ، رجلا لم يكن مجرد مستثمر ولا صاحب مشاريع، بل كان عاشقا لهذه الأرض بكل ما فيها.
أحمد الإبراهيم، رجل الأعمال الكويتي الذي آمن بتونس حين تردّد الآخرون، واختار أن يضع قلبه و خبرته و رأسماله في مجال لم يؤمن به أحد في ذلك الوقت: السياحة.
أحمد الإبراهيم هو مؤسس سلسلة فنادق أبو نواس ، الاسم الذي صار علامة مضيئة في تاريخ السياحة التونسية، وهو ممثل المجموعة الكويتية التونسية للاستثمار بتونس ، وباعث عشرات المشاريع التي غيّرت وجه الاقتصاد السياحي الوطني.
لم يكن مستثمرا عاديا ، بل كان محفّزا ومحرّكا وجسر تواصل حقيقي و صادق امين ، شجّع رجال الأعمال الخليجيين والعرب على القدوم إلى تونس والاستثمار فيها، مؤمنا بأن هذا البلد الصغير يملك من الجمال والطاقات ما يستحق الرهان عليه.
في أصعب اللحظات التي مرّت بها المنطقة ، إبان غزو العراق الكويت ، لم يتخلّ أحمد الإبراهيم عن وطنه ولا عن قضيته، بقي وفيا صامدا في مواقفه، مدافعا شرسا عن شعبه وحق بلده في الحرية والسيادة، رغم أنّه واجه مواقف جحود وتنكر من بعض الأصوات في تونس التي لم تفهم حينها حجم المأساة التي خلت ببلد عربي شقيق . ومع ذلك، لم يتغيّر قلبه على تونس، ولم يتراجع عن حبها ولا عن استثماراته فيها.
يرحل أحمد الإبراهيم اليوم بعدما تعرّض لكثير من المظالم في أواخر حياته، لم ينل الإنصاف الذي يستحقه، بل الأدهى أنّ الكثيرين ممن نعموا بخيره وكرمه وطيبته اختاروا أن يتناسوه في أيامه الأخيرة.
ومع ذلك، يبقى إرثه شاهدا على رجل آمن بالإنسان قبل أن يؤمن بالربح، وراهن على تونس حبا لا حسابا او مصالح .
رحيل أحمد الإبراهيم ليس مجرد خبر اقتصادي أو نعي لرجل أعمال، بل هو فقدان لصديق وفيّ لتونس، لرجل نادر جمع بين الحزم في قراراته والطيبة في قلبه.
ستبقى السياحة التونسية شاهدة على حلمه، وستبقى قصته ملهمة لكل من يؤمن أن الاستثمار ليس مجرد أرقام، بل رسالة حب يمكن أن تغيّر مصير بلد بأكمله.
رحم الله أحمد الإبراهيم، وأجزل له المثوبة، وجعل وفاءنا له في حفظ ما بناه، وفي أن نحكي للأجيال أنّ رجلا من الكويت الشقيق أحب تونس حتى آخر نبض في قلبه .



