عواصم – عرب 21 :
بقلم – أ حذامي محجوب ( رئيس التحرير ) .
تنويع اقتصادي غير مسبوق، بطالة في أدنى مستوياتها، ورؤية تتحول من حلم على الورق إلى واقع يلمسه الجميع ، هكذا رسم تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2024 صورة الاقتصاد السعودي، مؤكدا أنه يمثل نموذجا عالميا في مواجهة تقلبات الأسواق، ويسير بخطى واثقة نحو نمو مستدام قائم على التنويع والانفتاح.
أوضح التقرير أن القطاعات غير النفطية واصلت نموها القوي بنسبة 4.5% هذا العام ، مدفوعة بانتعاش ملحوظ في مجالات البناء والتجزئة والضيافة ، في حين تراجع الناتج النفطي بنسبة 4.4% نتيجة التزام المملكة باتفاقيات ” أوبك+ ” لخفض الإنتاج إلى 9 ملايين برميل يوميا. وفي المقابل، حافظ التضخم على مستوى منخفض بلغ 2.2% في مايو 2025، بينما سجل معدل البطالة بين المواطنين أدنى مستوياته التاريخية، مع تراجع لافت في بطالة النساء والشباب، ما يعكس نجاح السياسات النشطة في سوق العمل.
أشار التقرير كذلك إلى أن رؤية السعودية 2030 لم تعد مجرد خطة استراتيجية، بل تحولت إلى واقع تدعمه استثمارات ضخمة، أبرزها استثمارات صندوق الاستثمارات العامة التي تتجاوز 150 مليار ريال سعودي سنويا داخل الاقتصاد المحلي، ما يخلق فرص عمل واسعة ويدفع بعجلة النمو طويل الأمد.
رغم تسجيل عجز مالي بلغ 4% من الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع الدين العام إلى 29.8% في 2025، أكد الصندوق أن هذه المؤشرات لا تزال ضمن الحدود الآمنة ، داعيا إلى الاستمرار في تنويع الإيرادات غير النفطية وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي.
في الجانب المالي، أشاد التقرير بقوة ومتانة النظام المصرفي السعودي ، وارتفاع مستويات رأس المالد، وانخفاض القروض المتعثرة إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2016، إضافة إلى نجاح السياسة النقدية القائمة على ربط الريال بالدولار في الحفاظ على استقرار الأسعار وتعزيز ثقة المستثمرين.
توقع صندوق النقد أن يسجل الاقتصاد السعودي نموا بنسبة 3.6% في 2025 و3.9% في 2026، مدفوعا بزيادة الإنفاق الاستثماري ورفع تدريجي لقيود الإنتاج النفطي، إلى جانب استضافة فعاليات عالمية كبرى مثل كأس آسيا ومعرض إكسبو. كما نوه بدور المملكة في ترسيخ الاستقرار الاقتصادي الإقليمي وقيادتها للأسواق الدولية عبر إصدارات الدين السيادي الموثوقة.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن السعودية أمام فرصة تاريخية لتكريس مكانتها كأحد أكثر الاقتصادات مرونة واستدامة، قائم على قاعدة إنتاجية متنوعة، ورأس مال بشري مؤهل، وحوكمة اقتصادية رصينة، بعيدا عن تقلبات أسواق النفط .



