تونس 25°C

12 سبتمبر 2025

تونس 38°C

12 سبتمبر 2025

الشيخة لطيفة.. سيدة البيان ومهندسة الثقافة .

بقلم – أ . حذامي المحجوب ( رئيس التحرير ) .

هي ابنة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لكن حضورها لا يستند إلى النسب ولا يستظل بمكانة والدها، بل ينبثق من ذاتها، من جهدها المتواصل، ومن عقلها المتوقد الذي لا يطلب الانبهار، بل يفرض الاحترام. صوتها هادئ لا يعلو بالصراخ، لكنه يعلو بالحجة، ويضيء بالبصيرة.
الشيخة لطيفة، ابنة دبي الوفية، لا تظهر لتملأ فراغا بروتوكوليا، بل لتضفي معنى، وتقدّم إضافة.
حين تتحدث، ترفع الخطاب لا بعلو النبرة، بل بعمق الفكرة.
لا تطرح رأيا إلا مؤسسا على معرفة، ولا تدخل حوارا إلا مُحمّلة برؤية ووعي واستعداد.
في المؤتمر الدولي لتمكين المرأة الذي احتضنته دبي، لم تكن كلمتها مجرد خطاب، بل درس في التمكين الواعي. لم تجمّل العبارات بحثا عن التصفيق، بل نسجت حديثها بخيوط الفكر، وقدّمت التمكين لا كهبة تمنح، بل كحق ينتزع بالإرادة والعلم والعمل والثقة بالنفس. كانت مداخلتها رصينة، حضورها متماسك، وحجّتها تنهض على أساس متين، تجمع بين الوقار والدفء، بين الحزم والاحتواء، وكأنها ترسم في لحظتها ملامح جديدة لأدب القيادة النسائية.
وفي قمة الإعلام العربي ، أكدت الشيخة لطيفة أن الثقافة والإعلام ليسا كيانين منفصلين، بل جناحان متكاملان لنهضة الأمة وسيادتها.
لم تكتف بطرح المفاهيم، بل قدّمت رؤية عملية متكاملة لدور الإعلام في تشكيل الوعي الجماعي، وربطته بعمق بوظيفة الثقافة في بناء الهوية والذاكرة. تحدّثت لا بصفتها مشاهدا، بل كقائدة تدرك أن الكلمة مسؤولية كبرى، وأن الإعلام رسالة قبل أن يكون أداة.
من موقعها على رأس هيئة الثقافة والفنون في دبي، قادت الشيخة لطيفة تحولا نوعيا في المشهد الثقافي للإمارة.
لم تكن إدارتها تقليدية، بل مفعمة بالحيوية والبصيرة.
أطلقت مبادرات ذات بعد استراتيجي، دعمت المبدعين، نسجت شراكات دولية، وأعادت للموروث المحلي بريقه، دون أن تحصره في قوالب الماضي، بل أعادت تقديمه بروح عصرية تنبض بالأصالة والانفتاح.
الثقافة بالنسبة لها ليست مهرجانا عابرا، بل مشروع حياة متكامل يرتبط بالتنمية والهوية والاقتصاد.
مكتبة محمد بن راشد – هذه المنارة المعرفية الفريدة – تجسد رؤيتها بأن القراءة ليست ترفا، بل ركيزة لبناء الإنسان، وفعل مقاومة حضارية يواجه به المجتمع تحديات المستقبل.
الشيخة لطيفة ليست فقط امرأة في موقع قيادي، بل هي تجسيد حقيقي لتكامل الفكر والسلوك، والمسؤولية والنُبل. حين تتحدث، تقنع. وحين تحضر، تلهم. لا تبحث عن الأضواء، لكنها تسلّط عليها بفعل صدقها وقيمة ما تقدّمه.
في حضورها يتجلّى الاتزان، وفي كلماتها تسكن البصيرة.
هي خليط نادر من الذكاء الهادئ والوعي العميق، من الحس الإنساني والصلابة الأخلاقية.
تمثل نموذجا فريدا للمرأة العربية الحديثة: قوية بلا ضوضاء، فعالة بلا استعراض، متجذّرة في أصالتها، ومُتطلعة إلى المستقبل بثقة وشموخ.
وفي زمن تضيع فيه المعاني وسط ضجيج الصور، تظل المرأة التي تُفكّر وتُنجز وتترك الأثر، هي النموذج الحقيقي الذي نفاخر به.
والشيخة لطيفة، بلا شك، واحدة من أولئك القلائل اللواتي يجسّدن القيمة ويشرّفن الصورة.
هي أيقونة ملهمة، ونموذج مشرق للقيادة النسائية التي نرجوها ونعتز بها أمام العالم.

اقرأ أيضاً

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قبل أن تذهب

اشترك في نشرتنا الإخبارية وكن على اطلاع دائم بالأحداث العالمية