تونس 17°C

11 نوفمبر 2025

تونس 38°C

11 نوفمبر 2025

روح السادس من أكتوبر … ذاكرة نصر ورسالة سلام .

بقلم : ا . حذامي محجوب ( رئيس التحرير ) .

بعد اثنين وخمسين عاما على حرب السادس من أكتوبر، ما تزال مصر تستحضر تلك اللحظة المفصلية التي غيّرت وجه المنطقة ، وأعادت للأمة العربية ثقتها بقدرتها على صنع التاريخ . إنها ذكرى العبور العظيم ، الذي لم يكن مجرد انتصار عسكري ، بل ملحمة إرادة أثبتت أن السيادة لا تُسترد بالشعارات ، بل بالعزيمة والإيمان بالحق .
غير أن احتفال هذا العام يتجاوز طابع الاستذكار الرمزي ، ليكتسب بعدا جديدا في ظل واقع إقليمي معقّد ، تتقاطع فيه مسارات الحرب والسلام.
فبينما تتردد أصداء الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل برعاية أمريكية ، تتطلع العيون إلى القاهرة مجددا كعاصمة تصوغ الممكن حين تتشابك المستحيلات، وكصوت يدعو إلى تهدئة تنبع من منطق العدالة لا من توازن الخوف.
إن مصر التي خاضت حرب أكتوبر دفاعا عن كرامتها الوطنية و كرامة الأمة ، هي نفسها التي آمنت بأن النصر لا يكتمل إلا حين يتحول إلى سلام .


فمن ميادين القتال إلى طاولات المفاوضات ، اختارت القاهرة طريق الحكمة ، مدركة أن الأمن الحقيقي لا يتحقق إلا عبر العدل ، وأن استقرار المنطقة يبدأ من الاعتراف بحق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية .
ولهذا تتجدد رمزية السادس من أكتوبر كل عام ، بوصفه درسا في أن السلام ليس استسلاما ، بل امتداد للنصر حين يُدار بالعقل وبعد النظر.
فكما كان العبور انتصارا على الخوف، فإن السلام اليوم هو انتصار على اليأس.
في كلمته بالمناسبة ، شدّد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن ” روح نصر أكتوبر ” لا تزال تسكن وجدان المصريين ، باعتبارها طاقة خالدة تدفعهم إلى العمل والبناء ، وتجعل من التنمية استمرارا طبيعيا لتضحيات الأبطال.
ومن النصب التذكاري للجندي المجهول إلى ضريحي السادات وعبد الناصر، يتجلى هذا الوفاء العميق لتاريخٍ صاغ وجدان الأمة ، ولنهج ثابت يرى في حماية الأمن القومي المصري ركيزةً لاستقرار المنطقة بأسرها.
إن ذكرى أكتوبر ليست مجرد محطة في الذاكرة، بل بوصلة للمستقبل . فالمعارك اليوم لم تعد بالسلاح فقط ، بل بالوعي ، وبالإصرار على حماية السلام الذي ولد من رحم الحرب.
وبين تحديات الواقع وضباب الأزمات ، يظل السادس من أكتوبر شاهدا على أن مصر لا تصنع التاريخ فحسب، بل تحمي معناه.
فالقوة الحقيقية ، كما علّمتنا تلك اللحظة المجيدة ، لا تُقاس بعدد الدبابات أو الطائرات ، بل بقدرة الأمة على تحويل النصر إلى مشروع سلام، يفتح للمنطقة أفقا جديدا من الكرامة والاستقرار.
تلك هي روح أكتوبر التي لا تخبو… لأنها ببساطة روح مصر التي نحبّها .

اقرأ أيضاً

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قبل أن تذهب

اشترك في نشرتنا الإخبارية وكن على اطلاع دائم بالأحداث العالمية