القيروان – عرب 21 :
انه رجل يرى المستقبل بعين الحكمة، يسمع أنين الأرض بعمق قلبه.
سبق عصره لأنه لم ينتظر التقدير، بل اندفع بشغف لإنقاذ ما لم يره غيره. ابتكر حلولا للماء حين عطشت العقول، وأشعل نور الطاقة في زمن كان فيه الظلام معتادا .
لم يكن مجرد خبير أو مخترع، بل كان ضميرا حيّا، يقاتل بصمت من أجل عالم أفضل.
لم يرَ في شحّ المياه والطاقة أرقاما أو معادلات فقط، بل رأى فيها معاناة البشر ووجع الأرض .
فكر بقلبه قبل عقله، ابتكر حلولا تنبض بالرحمة والوعي، لأنه آمن أن لكل قطرة ماء حكاية، ولكل شعاع طاقة أمل يجب أن يضاء .
في طرحه لمعادلة المياه والإنتاج والقيام بالمقاطعات اللازمة مع موضوع الطاقة وخاصة البديلة منها ارتاى بان الحل في منظومة مياه ذكية في محاكاة للرقعة الجغرافية الفلاحية المتوفرة ، بحيث يمكن ان يؤمن الانتاج ليس فقط احتياجات ل 15 مليون نسمة بل وبدون مبالغة 120 مليون نسمة وذلك دون اللجوء البتة للتوريد ، شرط ان الحل يجب نحته بسياسة طاقية رشيدة تعتمد على طاقة بديلة ذكية وفي المتناول .
بخصوص البديل المطروح في إجابة على ثنائية الامن الغذائي والمائي ومعادلة الطاقة البديلة انطلاقا من سؤال اين سيقع تعويض هذا النقص المزمن في الموارد المائية الجوفية ، يشير ابن القيروان هذا الخبير العارف الوطني ، الى ان التحدي الأكبر هو الولوج الى هذه الطاقة بأقل تكلفة ممكنة وسحب ذلك على توفير ونقل المياه .
بالتالي فالحل المقترح في تقدير موقفه مثلما يطرح جل الباحثين هو تحلية مياه البحر بما انها مياه تعتبر موارد طبيعية متوفرة ومؤهلة لتكون حلا أساسيا لاستصلاح واستغلال الأراضي المهملة تلك الاراضي الخصبة ذات مردودية عالية كما وكيفا و التي تنقصها فقط الموارد المائية .
تمثل هاته الاراضي حوالي 80% من المساحة الجملية للأراضي الفلاحية القابلة للاستغلال بالبلاد التونسية لكن هنا وجب التنبيه الى ان إيجابية وفرة المياه في استخراجها من البحث تعادلها كلفة طاقية حالية ضخمة للتحلية والضخ وهو ما يحمل كل متر مكعب عشر مرات الكلفة الحالية.
لهذا يتّجه القول ان الدعوة مفتوحة لنواصل البحث والتجارب بغاية الوصول الى نفس التكلفة لكل متر مكعب في المياه المستخرجة والمحلاة من البحر و من ثم ضخها للوصول الى كلفة غير مشطة تنزل الى اقل عبء ممكن مقارنة بالتكلفة الحالية وهو ما سيمكن الدولة التونسية من الاستغناء كليا عن التوريد والدعم في المجال الفلاحي والتركيز في ما هو اهم لمصلحة هذا الوطن العزيز .
هذا الخبير ابن القيروان ، ليس مجرد عالم أو عارف بقضايا عصره ، بل صاحب رؤية تنبض بالإنسانية.
يحمل همّ الماء والطاقة لا كمسائل تقنية فحسب، بل كقضية وجود وكرامة. في كلّ حل يقترحه، تجد نبض قلبه، و في كل فكرة يطرحها، يضيء درب المستقبل بشغف صادق.
هو صوت العلم حين يُلامس الضمير، وعقل التجديد حين يسنده الإحساس بالمسؤولية.
أمثاله لا يغيّرون المعادلات فقط، بل يغيّرون الواقع ، واقعنا نحن و ما نعيشه من تحديات حياتية .



