بقلم – ابوبكر الصغير
أنا لا أكتب عادة عن الفن ولا عن الفنانين، لكن ثمة لحظات استثنائية تُغري القلم بالخروج عن عاداته، وتفتح للكتابة أفقا مغايرا آخر.
هي فنانة إماراتية اسمها أحلام ، هي هذا الاستثناء، لأنها لم تأت إلى تونس كي تغنّي وتمضي، بل لتغنّي وتبقى، لتترك خلف صوتها صدى إنسانيا ابداعيا و سياحيا و ثقافيا .
عندما أعلنت أحلام بعد حفلها أنها ستتفرغ لاكتشاف تونس مع زوجها وفريقها، وأنها ستنقل هذه الرحلة عبر منصاتها في السوشيال ميديا ، لم تكن مجرد فنانة تبحث عن صور للذاكرة، بل امرأة تعرف كيف تمنح المكان قيمة إضافية من حضورها.
لقد اختارت أن ترى تونس بعيني فنانة عاشقة لا بعيني سائحة عابرة، وأن تمنح لرحلتها وقتا كافيا كي تتحوّل إلى رواية مصورة تصل إلى ملايين المتابعين.
لعل أجمل ما في هذا الموقف أنه لم يأت استجابة لواجب أو لائحة تعليمات او كراس شروط ، بل كان عملا عفويا نابعا من الحب.
ان الفنان الحقيقي لا يحتاج إلى خريطة طريق كي يكون رسول جمال، يكفيه أن يصدق تجربته، وأن يعيشها بروحه كاملة.
هكذا تحوّلت أحلام إلى سفيرة لتونس دون أن تُعيّنها أي جهة رسمية، بل بقرار القلب وحده.
إن حضورها بيننا في شوارع تونس وأسواقها ومقاهيها لا يقل أهمية عن حضورها على خشبة المسرح. فالأغنية تذوب مع انتهاء اللحن، أما الصورة الحية التي تنقلها عبر منصاتها، فهي باقية وممتدة، تصنع صورة للبلاد أجمل من أي حملة ترويجية رسمية.
هكذا منحتنا أحلام درسا جميلا : أن الحب وحده هو الذي يروّج للأوطان، وأن الفن حين يتجاوز الخشبة ليعانق المكان والناس، يصبح رسالة صادقة أبلغ من كل خطاب.