
لبنان على مفترق نزع السلاح : عون يفتح باب الحوار مع حزب الله .
بيروت – عرب 21 :
في خطوة تُعيد فتح أحد أكثر الملفات حساسية في لبنان، أعلن الرئيس جوزيف عون عن رؤية تقوم على نزع سلاح حزب الله بالحوار لا بالإكراه.
فالرئيس اللبناني، الذي جعل من قضية السلاح غير الشرعي أحد محاور خطابه منذ تنصيبه في يناير ، كما كشف أن سنة 2025 ستكون سنة ” احتكار الدولة للسلاح ”، مستبعداً اللجوء إلى القوة، مؤكداً أن العملية ستتم عبر “حوار ثنائي” مباشر مع قيادة الحزب.
عون شدد كذلك ، في مقابلات متزامنة مع صحيفة “العربي الجديد” وقناة “الجزيرة” القطرية، على أن السلام الأهلي في لبنان “خط أحمر”، مشيراً إلى أن الحلول المفروضة من الخارج لا يمكن أن تنجح في هذا الملف. جاءت تصريحاته عشية زيارة رسمية إلى قطر، في سياق محاولة لتقريب وجهات النظر بين مكوّنات الداخل اللبناني وتجنيب البلاد صداما داخليا مدمّرا .
موقف حزب الله من جهته، بدأ يشهد تحوّلاً في النبرة.
فالنائب حسن فضل الله صرح، خلال مؤتمر صحفي عقده في البرلمان في 10 أبريل، أن الحزب منفتح على الحوار بشأن استراتيجية دفاعية وطنية، معلناً وجود تواصل دائم مع الرئيس جوزيف عون.
يأتي هذا التطور في الخطاب السياسي للحزب في لحظة حرجة دقيقة، بعد تراجع صورته داخلياً إثر الحرب الأخيرة مع إسرائيل، والتي أضعفت موقعه السياسي وأربكت حساباته.
الولايات المتحدة من جانبها تتابع المشهد عن كثب ، تمارس ضغوطاً على بيروت لنزع سلاح حزب الله، كما تربط أي مساعدات لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب بتحقيق هذا الهدف.
السعودية كذلك تشترط، إلى جانب إصلاحات في إدارة الشأن العام، أن يكون نزع سلاح الحزب شرطاً أساسياً لإعادة انخراطها المالي في لبنان.
على الساحة الداخلية، يحتدم الجدل بشكل يومي، إذ يشهد الخطاب السياسي والإعلامي تصعيداً ملحوظاً بين مؤيدي نزع السلاح ومعارضيه.
تبرز مواقف قوى مثل “القوات اللبنانية”، المناهضة لحزب الله تاريخياً، والتي ترى في اللحظة الحالية فرصة للتقدم في هذا الملف المعقّد، بعد ما اعتبرته تراجعاً في موقع الحزب الاستراتيجي.
رغم تمسكه بمبدأ أن “لبنان لا يُحمى إلا بدولته”، يسعى عون إلى تفكيك التوتر السياسي المتصاعد الذي قد يعطّل عمل الحكومة المشكلة في فبراير، والتي تجمع أطرافاً متنافرين سياسياً وإن بأسماء وزارية غير حزبية بشكل مباشر.
وقد صرّح في مناسبة الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية : “لا أحد يستطيع إلغاء الآخر في لبنان”، في إشارة إلى خطورة الخطابات الإقصائية.
اللافت أن خطاب حزب الله بشأن سلاحه – الذي كان حتى وقت قريب من المحرمات – بدأ يتحوّل، ما قد يشير إلى استشعاره لتبدل موازين القوى، أو إلى رغبته في كسب الوقت، خصوصاً مع انطلاق جولة مفاوضات جديدة بين طهران وواشنطن برعاية سلطنة عُمان. وهي محادثات من المرجّح أن يكون لها انعكاسات على الوضع اللبناني برمّته.
بين ضغوط الخارج واستحقاقات الداخل، يجد لبنان نفسه أمام مفترق خطير : هل يُثمر الحوار الداخلي تسوية تُعيد للدولة سيادتها الكاملة على السلاح، أم أن الحسابات الإقليمية والدولية ستطغى مجدداً على فرص الحل؟.