عواصم – عرب 21 :
في مشهد يجسّد التحول الحضاري الذي تعيشه المملكة العربية السعودية، تُواصل وزارة الحج والعمرة رهانها على التقنية والرقمنة، لتقديم تجربة روحانية ميسّرة لضيوف الرحمن من مختلف أنحاء العالم.
باتت التقنية اليوم جزءاً لا يتجزأ من الرحلة الإيمانية، انطلاقا من لحظة التخطيط و حتى أداء المناسك والزيارة، في إطار رؤية تسعى إلى التيسير والإثراء وتحقيق رضا الزائر .
جاء ذلك ضمن فعاليات منتدى العمرة والزيارة في نسخته الثانية، والذي انطلقت أعماله من المدينة المنورة برعاية الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، أمير المنطقة، وبحضور شخصيات رفيعة وخبراء وممثلين عن كبريات الشركات العاملة في قطاع الحج والعمرة.
المنتدى، الذي عُدّ منصة استراتيجية، سلّط الضوء على الرقمنة بوصفها ركيزة لخدمة المعتمر والزائر، وفتح آفاقاً رحبة للنقاش حول مستقبل التنقل والطيران، والمدن الذكية، والمواقع المقدسة.
أكد الأمير سلمان في كلمته أن مكة المكرمة والمدينة المنورة تحظيان بمكانة خاصة لدى القيادة السعودية، التي تسهر على تطويرهما بما يليق بمكانتهما الدينية والتاريخية.
أضاف أن المشاريع الكبرى التي تشهدها المملكة، وعلى رأسها توسعة الحرمين الشريفين وتحديث خدمات الزوار، إنما تنبع من شرف الخدمة التي ورثها ملوك هذه البلاد منذ التأسيس.
وزير الحج والعمرة، الدكتور توفيق الربيعة، بدوره، شدّد على أن التحول الرقمي لم يعد خياراً، بل ضرورة تتجسد في تطبيقات مثل “نسك”، الذي تجاوز عدد مستخدميه 18 مليون شخص، ويقدّم أكثر من 100 خدمة متنوعة تشمل حجز التصاريح، والتنقل عبر قطار الحرمين، وزيارة الروضة الشريفة، إلى جانب استعراض المواقع التاريخية والمتاحف لتجربة روحية ومعرفية متكاملة.
أرقام الحضور تؤكد نجاح الاستراتيجية الرقمية، إذ بلغ عدد المعتمرين القادمين من خارج المملكة في الربع الأول من عام 2025 أكثر من 6.5 مليون، بزيادة تجاوزت 11% عن العام الماضي، كما ارتفعت الطاقة الاستيعابية اليومية لزيارة الروضة الشريفة إلى أكثر من 52 ألف زائر، مع قفزة في مؤشر الرضا من 57% عام 2022 إلى 81% عام 2024.
تطرق المنتدى إلى أهمية تعزيز الارتباط بالمواقع التاريخية المرتبطة بالسيرة النبوية، حيث ارتفع عدد الوجهات المعتمدة إلى 55 موقعاً في مكة والمدينة، في خطوة تهدف إلى جعل زيارة الحرمين رحلة متكاملة في أبعادها الروحية والثقافية.
من جهته، قال عمرو المداح، وكيل وزارة الحج والعمرة لخدمات المعتمرين، إن المنتدى يعمل على صياغة الاتجاهات الاستراتيجية المقبلة للمنظومة، وتنظيم سوق التعاقدات، وتكريم الجهات المتميزة، فيما تظل الرقمنة – بحسب تعبيره – هي “الحل الجوهري” الذي تُراهن عليه الوزارة لرفع كفاءة الخدمة، تماشيا مع الطفرات التقنية الكبرى التي تشهدها المملكة.
السعودية لا تُراهن على التقنية من أجل التحديث فقط، بل من أجل تعظيم التجربة الدينية، وتقديم صورة حضارية تُجسّد قيم الإسلام في التيسير، والضيافة، والسلام.
إنها رحلة إيمانية جديدة تُكتب، جوهرها الإخلاص، و أداتها التقنية، و غايتها ضيف الرحمن.
