
جدة : تحتضن محادثات أمريكية -أوكرانية حاسمة .
جدة -عرب 21 :
تنطلق اليوم في جدة المحادثات الأولى بين واشنطن وكييف منذ المواجهة العنيفة التي وقعت بين فولوديمير زيلينسكي ودونالد ترامب في المكتب البيضاوي يوم الجمعة 28 فبراير. يضمّ الوفد الأمريكي وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، حيث سيلتقون بوزيري الخارجية والدفاع الأوكرانيين ومستشارين للرئيس، في مسعى لوضع إطار لوقف إطلاق النار تمهيدًا لاتفاق سلام بين أوكرانيا وروسيا.
وعلى الرغم من وجوده في المملكة منذ يوم الاثنين، فإن الرئيس الأوكراني لن يشارك في هذه المحادثات، حيث أدّت مواجهاته الأخيرة مع ترامب ونائب الرئيس جي دي فانس، إلى جانب مغادرته المفاجئة للبيت الأبيض، إلى تعميق التوتر بين كييف وواشنطن في وقت حساس، إذ يسعى كل من فلاديمير بوتين ودونالد ترامب إلى إعادة إحياء العلاقات الثنائية بين بلديهما.
سيخيّم شبح هذه المواجهة على اجتماع جدة، حيث لا تزال واشنطن تعتبر سلوك زيلينسكي جاحدًا وغير محترم، بينما يشعر الأوكرانيون بالاستياء من هجمات جي دي فانس وقرار ترامب تعليق المساعدات العسكرية والاستخباراتية، وهي ركائز أساسية لدعم أوكرانيا منذ بداية الحرب عام 2022. ورغم ذلك، تسعى كييف إلى استعادة الحوار لإقناع ترامب، عبر مستشاريه، بإعادة هذه المساعدات التي تعد ضرورية لاستمرارها في مواجهة روسيا، سواء على جبهات القتال أو في المفاوضات المستقبلية، وهو ما لم يغب عن موسكو التي تمكنت في الأيام الأخيرة من تحقيق مكاسب ميدانية في منطقة كورسك الروسية بدعم من القوات الكورية الشمالية. وفي بادرة حسن نية، أرسلت واشنطن إشارات إيجابية قبل اجتماع جدة، حيث أكد ستيف ويتكوف أن بلاده تسعى لتحقيق تقدم جوهري، كما أبدى الأمريكيون انفتاحهم على اقتراح زيلينسكي لوقف إطلاق النار، الذي يشمل تبادل الأسرى واحتمال التوصل إلى هدنة جوية وبحرية. إلى جانب ذلك، وبعد إعلان رئيس وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف أن تعليق الدعم الأمريكي “ لن يدوم طويلًا ”، أشار ترامب إلى أن تعليق تبادل المعلومات الاستخباراتية بات “ قريبًا من نهايته ”، كما هدّد موسكو بفرض عقوبات مصرفية وجمركية واسعة ردًا على هجومها الأخير بالطائرات المسيّرة والصواريخ ضد أوكرانيا، وهو ما يعكس رغبته في إنهاء الحرب بسرعة ونفاد صبره المتزايد.
ومع ذلك، لن يكون من السهل على كييف اعتبار أن الرياح تجري لصالحها، ففي جدة، سيركّز الأمريكيون على اختبار موقف أوكرانيا، إذ كُلِّف مستشارو ترامب بتقييم مدى استعدادها الفعلي لإحلال سلام دائم، خاصة أن ترامب لا يزال يعتبرها العقبة الرئيسية أمام المفاوضات. وقد حددت واشنطن مطالبها بوضوح، حيث تشترط إدارة ترامب أن توافق أوكرانيا على توقيع الاتفاق الخاص بالمعادن النادرة، الذي كان زيلينسكي من المفترض أن يوقعه في البيت الأبيض، وهو اتفاق تعتبره واشنطن بمثابة الضمانة الأمنية القصوى لكييف، بينما يراه ترامب فرصة اقتصادية لاستخراج المعادن النادرة وتحقيق أرباح.
ومع ذلك، ترفض واشنطن تقديم أي تنازلات بشأن الضمانات الأمنية التي تطالب بها كييف والأوروبيون، إضافة إلى اتفاق المعادن، إذ أكد ماركو روبيو أن هذه الضمانات يجب أن تكون مشروطة بوجود سلام فعلي، أي أن الهدنة يجب أن تسبق أي التزام أمريكي بالضمانات. كما أن واشنطن لن تعيد فتح النقاش حول استعادة كييف للأقاليم الأربعة التي تحتلها روسيا، والتي تعتبرها الولايات المتحدة “غير واقعية ”. وترى الإدارة الأمريكية أن نتائج المحادثات في جدة ستعتمد على مدى استعداد أوكرانيا للالتزام بهذه الشروط، وفي حال فشل المحادثات، فقد أوضح ترامب بالفعل أنه لن يعيد النظر في تعليق المساعدات العسكرية والاستخباراتية، حتى لو كان ذلك يعني انهيار أوكرانيا، حيث صرّح قائلًا: “ على أي حال، قد لا تنجو أوكرانيا في جميع الأحوال ”.