
أوزبكستان: لؤلؤة طريق الحرير وعاداتها في رمضان .
– عواصم-عرب 21:
كانت أوزبكستان لؤلؤةً تتلألأ على طريق الحرير التاريخي، حيث شكّلت مدن مثل سمرقند وبخارى وخيوة محطاتٍ رئيسية للقوافل التجارية التي ربطت بين الشرق والغرب. ولم يكن دورها مقتصرًا على التجارة فحسب، بل كانت أيضًا مركزًا علميًا وثقافيًا بارزًا، أنجبت علماء كبارًا مثل الإمام البخاري والخوارزمي، واشتهرت بمعمارها الإسلامي المذهل، حيث تتزين مساجدها ومدارسها الدينية بالقباب الزرقاء الفيروزية التي تضفي عليها سحرًا خاصًا.
وسط هذا الإرث العريق، لا تزال العادات والتقاليد تحتفظ بجذورها العميقة في المجتمع الأوزبكي، رغم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها البلاد منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتي عام 1991. فالهوية الأوزبكية تتشابك بقوة مع الإسلام، مما يجعل المناسبات الدينية، وخاصة رمضان، تجربةً ثقافيةً ودينيةً متفردة.
يبدأ التحضير للشهر الفضيل بتنظيف المنازل وتجديدها، كما تُرمّم المساجد وتُزيَّن استعدادًا لاستقبال المصلين، في حين تعجّ الأسواق بالمتسوقين الذين يشترون المكونات الأساسية لإعداد الأطباق التقليدية. ويحرص الأوزبك على الإفطار الجماعي، حيث تجتمع العائلات والجيران حول موائد عامرة بأكلات مثل “الپلوف”، الطبق الوطني المكون من الأرز واللحم والخضروات، إلى جانب “السمسة” (معجنات محشوة)، و”الشوربا” (حساء اللحم)، وخبز “نون” التقليدي. أما الشاي الأسود، فهو رفيق لا يغيب عن مائدة الإفطار أو السحور.
وخلال رمضان، تتجلى الروابط الاجتماعية في أوضح صورها، إذ يُكثر الأوزبك من زيارة كبار السن، وتوزيع الصدقات، وتنظيم موائد إفطار للمحتاجين. كما تحظى ليلة القدر بمكانة خاصة، حيث يحرص الناس على قضاءها في الصلاة والدعاء وقراءة القرآن في المساجد التي تكتظ بالمصلين.
رغم التحديث الذي شهدته المدن الكبرى مثل طشقند، حيث أصبحت موائد الإفطار أكثر تنوعًا مع دخول أطباق عالمية، لا تزال المناطق الريفية تحافظ على العادات الأصيلة، لتبقى أوزبكستان نموذجًا فريدًا يجمع بين الحداثة والتقاليد، محتفظةً بسحرها كإحدى جواهر طريق الحرير.