إتصل بنا

تونس 38°C

مارس 7, 2025

مارس 7, 2025

إتصل بنا

“الغبقة” الكويتية: مائدة تجمع القلوب في رمضان.
ثقافة وفنون

“الغبقة” الكويتية: مائدة تجمع القلوب في رمضان.

مارس 7, 2025

الكويت – عرب 21:

تزخر البلدان العربية بعادات رمضانية متوارثة، ولكل مجتمع بصمته الخاصة التي تميّزه في استقبال هذا الشهر الفضيل. في الكويت، تتجلى واحدة من أبهى صور التقاليد الاجتماعية في “الغبقة”، تلك العادة العريقة التي لا تقتصر على كونها وليمة رمضانية، بل هي احتفاء أصيل بالكرم واللقاء، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء بعد صلاة التراويح وقبل السحور في أجواء يملؤها الدفء والتآخي، تعبيراً عن روح رمضان الحقيقية.

رمضان بروح كويتية

تحمل “الغبقة” في طياتها عبق التاريخ ونبض الحاضر، فهي عادة راسخة في المجتمع الكويتي، تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل. تتزين المجالس والمنازل بالفوانيس الرمضانية، وتُعزف الألحان التراثية الهادئة، في مشهد يزاوج بين سحر الماضي وأناقة الحاضر. وعلى موائد عامرة بأشهى الأطباق الكويتية، تنسج الأحاديث حكايات قديمة، وتمتزج النكهات بمذاق الألفة والمودة، في لحظات تظل محفورة في الذاكرة.

الغبقة بين التراث والتطور

يعود أصل التسمية إلى كلمة “الغبوق”، وهو ما يُتناول ليلاً من اللبن والتمر، في إشارة إلى ارتباط هذه العادة العريق بالموروث العربي الأصيل. ورغم حفاظ الكثير من العائلات على الطابع التقليدي للغبقة، إلا أن مظاهر الحداثة أضفت عليها طابعاً جديداً، حيث باتت تُقام أيضاً في الفنادق والمطاعم الراقية، التي تتنافس في تقديم ولائم رمضانية فاخرة، ترافقها فقرات ترفيهية ومسابقات تضفي على الأجواء مزيداً من البهجة والمرح.

مائدة تجمع النكهات والقلوب

ليست الغبقة مجرد لقاء على مائدة طعام، بل هي طقس اجتماعي يعزز الروابط العائلية والودية. تتألق المائدة بأطباق كويتية أصيلة، من التشريبة، الشوربة الغنية بالخبز واللحم والخضراوات، إلى المجبوس، الأرز المتبل باللحم أو الدجاج، وصولاً إلى اللقيمات، الحلوى الرمضانية التي لا تغيب عن أي غبقة. لكن القيمة الحقيقية لهذا التقليد تتجلى في لمة الأحباب، حيث تتقاطع الأحاديث حول الذكريات، وتتعالى الضحكات، وتُرفع الأكف بالدعوات الطيبة، في مشهد يختزل معاني المحبة والتآلف.

رمضان.. موسم اللقاء والتلاحم

في بعض المجالس، تأخذ الغبقات طابعاً احتفالياً، حيث تُقام المسابقات وتُقدَّم العروض الفنية التي تزيد من ألق الأجواء الرمضانية. بينما تحافظ عائلات أخرى على تقليد تبادل الأطباق فيما بينها، في صورة تعكس قيم التكافل والتآزر التي يزخر بها الشهر الكريم.

وهكذا، تبقى “الغبقة” أكثر من مجرد مائدة رمضانية، فهي لوحات حية من التراث الكويتي العريق، حيث يلتقي عبق الماضي بألق الحاضر، ويتجدد التواصل بين الأجيال. على طاولة الغبقة، تتجسد المودة في أبهى صورها، وتتناغم القلوب في أجواء تفيض بالود والرحمة. رمضان في الكويت، إذن، هو أكثر من شهر للصيام، إنه موسم من المحبة الخالصة، حيث تتجدد العلاقات ، ويزداد الود بين الأهل والأصدقاء.
فتنمو الروابط وتترسخ مشاعر الإخاء التي تبقى خالدة في القلب لا تفارق.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *