الرباط – عرب 21 :
وجه الملك محمد السادس رسالة إلى المشاركين في المناظرة الدولية حول العدالة الانتقالية المنعقدة في الرباط تحت عنوان “مسارات العدالة الانتقالية من أجل إصلاحات مستدامة”، وذلك تخليداً للذكرى العشرين لإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة المغربية . حملت الرسالة تأكيداً على الأهمية التاريخية لهذه الهيئة التي مثلت محطة مفصلية في مسار التحول الديمقراطي والتنموي في المغرب.
أشار الملك إلى أن قرار إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة كان خياراً سيادياً واستباقياً لمعالجة انتهاكات الماضي، حيث استند إلى مبادئ الشفافية والموضوعية، وسعى لتحقيق المصالحة الوطنية وجبر الضرر الفردي والجماعي.
وأكد أن هذه التجربة شكلت رافعة لتعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان من خلال إصلاحات دستورية وتشريعية ومؤسساتية شاملة.
كما لعب المجتمع المدني دوراً مهماً في إنجاح هذه العملية عبر إطلاق نقاشات مجتمعية وحوارات عمومية ساهمت في ترسيخ هذه المبادئ.
حرص الملك في رسالته على إبراز أهمية إدماج مفهوم جبر الضرر الجماعي ضمن السياسات التنموية، مشيراً إلى أن هذا التوجه ساهم في تقليص التهميش الذي كانت تعاني منه بعض المناطق النائية، مما أسفر عن تحقيق تنمية مجالية متوازنة.
وأكد على أن الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية أصبحت نموذجاً يُحتذى به في مجال التنمية وجذب الاستثمارات، وهو ما يعكس نجاح المقاربة التنموية المتبعة.
أشادت الرسالة الملكية كذلك بالاعتراف الدولي الكبير الذي حظيت به تجربة العدالة الانتقالية المغربية، حيث ساهمت في تطوير مفهوم العدالة الانتقالية على المستويين الإقليمي والدولي، ما عزز مكانة المغرب كفاعل ريادي في هذا المجال.
كما دعت الرسالة المشاركين في المناظرة إلى التركيز على إبراز الممارسات الفضلى لتجارب العدالة الانتقالية، خصوصاً فيما يتعلق بتفاعلها مع الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية، وتسليط الضوء على النموذج المغربي باعتباره تجربة فريدة في تاريخ المملكة السياسي المعاصر.
في ختام الرسالة، شدد الملك محمد السادس على أهمية تحقيق الإصلاحات المستدامة بالاستفادة من الدروس المستخلصة من تجربة العدالة الانتقالية، مؤكداً على أن هذه التجربة تمثل نموذجاً صاعداً في مسار الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان، وتجسيداً لرؤية المملكة لبناء دولة الحق والقانون القائمة على أسس متينة ومتوازنة.
