38°C تونس
December 14, 2024
عالم منقسم: حول مذكرة اعتقال نتنياهو !.
أراء وأفكار

عالم منقسم: حول مذكرة اعتقال نتنياهو !.

نوفمبر 23, 2024

بقلم : ا .حذامي محجوب .

أثارت أوامر الإيقاف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وقائد الجناح العسكري لحركة حماس محمد الضيف، موجة من ردود الفعل الدولية المتباينة، حيث انقسم العالم بين مرحّب بالخطوة ومندد بها.
هذا القرار، الذي يعدّ الأول من نوعه ضد مسؤولين إسرائيليين على هذا المستوى، وضع الدول أمام اختبار حقيقي لمدى التزامها بمبادئ القانون الدولي ومصالحها السياسية.
الدول الموقعة على نظام روما الأساسي أظهرت مواقف متباينة في تفاعلها مع القرار.
إيرلندا كانت من بين الأكثر دعمًا، حيث وصف رئيس وزرائها، سيمون هاريس، الخطوة بأنها “إجراء بالغ الأهمية” لتحقيق العدالة.
دول مثل النرويج، وهولندا، وبلجيكا أكدت بدورها أنها ستلتزم بتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية، مما يعكس التزامها بمبدأ سيادة القانون الدولي.
في المقابل، أبدت فرنسا حذرًا في موقفها، حيث أكدت دعمها للمحكمة ومكافحة الإفلات من العقاب، لكنها تجنبت الحسم بشأن تنفيذ مذكرة التوقيف بحق نتنياهو .
وأوضحت وزارة الخارجية الفرنسية أن في الأمر “إشكالية قانونية معقدة” تحتاج إلى دراسة معمقة، في إشارة إلى تعقيد الوضع السياسي والقانوني.
أما إيطاليا، فقد أعلن وزير دفاعها أن تنفيذ مذكرة التوقيف يعد التزاما قانونيا، لكنه انتقد المحكمة الجنائية الدولية واعتبرها “مخطئة”، مما يعكس ترددًا واضحًا في الموقف الإيطالي.
على الجانب الآخر، الدول غير الموقعة أو التي تُعد حليفة لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة والمجر، رفضت القرار بشكل قاطع.
الولايات المتحدة، التي لم تنضم إلى نظام روما الأساسي، نددت بشرعية المذكرات واعتبرتها خطوة غير مقبولة. المجر، التي تعد من أبرز داعمي إسرائيل في أوروبا، ذهبت إلى أبعد من ذلك، حيث وصف وزير خارجيتها القرار بـ”العبثي”، مشيرًا إلى أن وضع قادة إسرائيل وقادة حماس في المستوى نفسه يشوه سمعة النظام القضائي الدولي.
وفي خطوة تعكس تحديًا للقرار، دعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بنيامين نتنياهو إلى زيارة المجر، في موقف استفزازي يعزز الدعم الإسرائيلي.
فيما يتعلق بالدول العربية، أعرب الأردن عن ضرورة احترام وتنفيذ القرار، حيث أكد وزير الخارجية أيمن الصفدي أن الفلسطينيين يستحقون العدالة، في موقف يعكس انسجامًا مع التزامات المملكة القانونية تجاه المحكمة الجنائية الدولية.
السلطة الفلسطينية رحبت بالقرار واعتبرته بارقة أمل لتحقيق العدالة الدولية، داعية دول العالم إلى قطع الاتصالات والاجتماعات مع نتنياهو كخطوة عملية لتنفيذه.
حركة حماس، على الرغم من أن قائدها العسكري محمد الضيف مشمول بمذكرات التوقيف ذاتها، وصفت القرار بأنه “تاريخي” واعتبرته انتصارًا للحق الفلسطيني.
إيران، استغلت الفرصة لتوجيه انتقادات شديدة لإسرائيل، حيث وصفت مذكرة التوقيف بحق نتنياهو بأنها تمثل “الموت السياسي” للدولة العبرية، في موقف سياسي بامتياز .
في الوقت ذاته، جاء موقف الاتحاد الأوروبي داعمًا لقرارات المحكمة، حيث شدد جوزيب بوريل على ضرورة احترام وتنفيذ القرار باعتباره قرارًا قضائيًا لا يخضع للتسييس.
هذا الانقسام الدولي الواضح يعكس الفجوة العميقة بين التزام الدول بمبادئ العدالة الدولية وحساباتها السياسية. وبينما ترى بعض الدول أن هذا القرار خطوة نحو إنهاء الإفلات من العقاب وتعزيز سيادة القانون، تراه دول أخرى تهديدًا للمصالح السياسية والأمنية، خاصة في ظل تعقيد النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للمحكمة الجنائية الدولية فرض قراراتها في ظل هذه الانقسامات، أم أن العدالة الدولية تبقى رهينة التوازنات السياسية؟

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *