العيد الوطني العماني:54 عامًا من النهضة المتجددة والتنمية الشاملة.
-تونس -عرب 21-
في الثامن عشر من نوفمبر من كل عام، تعيش سلطنة عُمان مناسبة ذكرى انطلاق مسيرتها المباركة، ومع حلول هذا العام تحتفل بالذكرى الرابعة والخمسين لهذا اليوم المجيد الذي شكل منعطفاً تاريخياً في مسيرتها. إنه يومٌ محفور في ذاكرة العمانيين، يستحضرون فيه بصمةً خالدة وأثراً عميقاً تركه في وجدانهم، ليظل شاهداً على طموح الوطن وتطلعه المستمر نحو مستقبل أكثر إشراقاً.
ومنذ السبعينات، انطلق العمانيون لبناء وطنهم، مسترشدين بتوجيهات السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله-، الذي قاد مسيرة تأسيس مؤسسات الدولة، وترسيخ الاستقرار السياسي، وبناء علاقات دولية متزنة، حيث أرسى قواعد سياسة خارجية تميزت بالهدوء وعدم التدخل في شؤون الدول، واحترام المواثيق الدولية لتحقيق السلام.
تستمر عُمان في ظل قيادة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- على ذات النهج، إذ يُعد الإنسان محور اهتمامها، ويمثل تطوير التعليم والعلم والابتكار ركيزة أساسية لرؤية عُمان 2040. ففي خطابه السامي في 23 فبراير 2020، أكد جلالته على أهمية التعليم بأبعاده كافة، وأعطى أولوية لتوفير بنية تحتية تحفّز البحث العلمي وتمكّن الشباب من الإسهام في متطلبات المرحلة القادمة. وقد شهد قطاع التعليم في السلطنة إنجازات بارزة حيث شملت رؤية عُمان 2040 تطوير التعليم العالي والتدريب والابتعاث الخارجي لتهيئة كوادر عمانية قادرة على قيادة التنمية الاقتصادية، حيث أُطلقت مبادرات ابتعاث خارجية للأعوام 2023 – 2027 تشمل 150 بعثة في تخصصات المستقبل ضمن أفضل الجامعات العالمية بتكلفة تبلغ 36 مليون ريال عُماني، ما يسهم في تأهيل الجيل القادم ويعزز جودة التعليم.
وتمضي سلطنة عمان قدماً عبر تعزيز السياسات المحلية، إذ أُصدر المرسوم السلطاني رقم 36 لسنة 2022، الذي يهدف إلى تمكين المحافظات الأحد عشر من إحداث تنمية متوازنة، تراعي خصوصيات كل محافظة، وتعزز المساهمة المحلية. من ناحية التنمية الاقتصادية، تستمر عُمان في تنفيذ خططها التنموية ضمن الخطة الخمسية العاشرة (2021 – 2025)، ما أسهم في تعزيز نمو الناتج المحلي وخفض الدين العام بفضل كفاءة الإنفاق وزيادة الإيرادات. وقد سجل الاقتصاد العماني نمواً بلغ 2.1% خلال 2023، في حين ان الدين العام قد انخفض إلى 14.4 مليار ريال حتى الربع الثالث من هذا العام 2024، كما أحرز القطاع السياحي تقدماً ملموساً، إذ أسهم بمبلغ 2.8 مليار ريال في الناتج المحلي عام 2023.
وعلى صعيد الاستثمار، وقّعت عُمان اتفاقيات تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار لإنتاج الهيدروجين الأخضر في محافظة الوسطى، وتعمل على تطوير مصادر الطاقة المتجددة، فيما يعكس استراتيجيتها البيئية الطموحة. كما افتتحت مؤخراً مصفاة الدقم، بالشراكة مع دولة الكويت، بطاقة تكريرية تبلغ 230 ألف برميل يومياً، وهي أحد أكبر المشاريع المشتركة بين البلدين. وتواصل السلطنة تعزيز التعاون الاقتصادي مع دول الخليج ودول أخرى، مستهدفةً استقطاب المزيد من الاستثمارات في قطاعات متنوعة.
أما على الصعيد الدبلوماسي، فتمثل السياسة الخارجية لعُمان نموذجاً يُحتذى به، حيث تواصل مساعيها في حل القضايا الإقليمية والدولية، من خلال التعاون والتوسط لإيجاد حلول سلمية. وتبرز جهود عُمان بالتعاون مع المملكة العربية السعودية في دفع مساعي السلام في اليمن، ودعم وقف إطلاق النار في غزة، انسجاماً مع نهجها الساعي لنشر السلام والاستقرار.
وتستمر النهضة المتجددة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله – في تحقيق المزيد من التطور والتنمية على مختلف الأصعدة، حيث تتطلع عُمان نحو مستقبل مشرق برؤية طموحة وتماسك شعبي يعكس وحدتها وترابطها.
(بقلم حذامي محجوب بالتنسيق مع سفارة سلطنة عمان في تونس)