عودة ترامب و مخاطر تتهدد مصير فلسطين: بين ضم الضفة وخطط السلام …!.
بقلم – ا . حذامي محجوب
في رام الله، تتصاعد المخاوف في صفوف المحللين الفلسطينيين من سيناريوهات قد تكون كارثية بعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض .
يخشى هؤلاء من أن يكون هذا الفوز دافعًا لإسرائيل نحو ضم الضفة الغربية بالكامل. رغم التصريحات المختصرة التي كان أدلى بها ترامب حول رغبته في “العودة إلى السلام” و”إيقاف قتل الأبرياء ” .
تشير التوقعات إلى أن تحركاته قد تصب في صالح الحكومة الإسرائيلية ورئيسها الحالي بنيامين نتنياهو، الذي جدد علاقته بترامب في يوليو الماضي بفلوريدا.
تقول المحللة السياسية الفلسطينية نور عودة إن “نتنياهو نجح في كسب الوقت حتى انتخاب ترامب ، الآن، لا يوجد أي عائق أمامه. يمكنه أن يقود حربه كما يشاء، خصوصًا بعد إقالته لوزير دفاعه، يوآف غالانت، الذي كان يعارضه”. تضيف : أن ترامب لا يعير اهتمامًا للسلطة الفلسطينية، التي تعاني أصلاً من تدهور حاد، ولا يبدو أنه سيكون لديه أي دافع للتواصل مع الرئيس محمود عباس، خاصة مع العلاقات المتوترة بينهما.
ورغم هذا القلق، بادر عباس، مثل بقية رؤساء العالم، إلى تهنئة ترامب بعد إعلان فوزه. وأعرب في بيان رسمي عن “تطلعه للعمل مع الرئيس ترامب من أجل السلام والأمن في المنطقة”، مؤكدًا على دعمه للتطلعات الفلسطينية الشرعية.
غير أن هذا التفاؤل الدبلوماسي قد لا يجد صداه لدى الإدارة الأمريكية المحتملة، خاصة وأن التاريخ القريب يحمل إشارات على عمق الفجوة بين الزعيمين.
في البداية، بدت العلاقات بين ترامب وعباس واعدة. إذ اجتمعا في 2017، حيث وصف ترامب عباس بأنه “شخصية أبوية”. لكن سرعان ما توترت هذه العلاقة إثر قرارات واشنطن التي بدت معادية للحقوق الفلسطينية، مثل وقف الدعم للأونروا، وتعليق المساعدات المالية، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
ثم جاءت “صفقة القرن” عام 2020، لتمنح إسرائيل السيادة شبه الكاملة على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والقدس .
تلك “الصفقة”، التي وصفها عباس بـ”صفعة القرن”، مثّلت بالنسبة للفلسطينيين ضربة قاسية، خاصة مع دعم اتفاقيات أبراهام التي وقعتها الإمارات والبحرين لتطبيع علاقاتهما مع إسرائيل، بوساطة من دونالد ترامب.
وقد دفع ذلك عباس لمحاولة إعادة بناء قنوات التواصل مع الجمهوريين، لكن دون تأثير يُذكر.
في ضوء الأحداث الحالية في غزة وتزايد التوترات، يخشى الفلسطينيون من أن تشجع عودة ترامب إسرائيل على ضم الضفة الغربية بالكامل. وقد أعربت نور عودة عن قلقها من تأثير المقربين من ترامب، مثل السفير الأمريكي السابق في إسرائيل، ديفيد فريدمان، وصهره جاريد كوشنر، اللذين لهما آراء متشددة حول السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية. من جانبه، حذّر المحلل أحمد فؤاد الخطيب من أن “ترامب قد يتمكن من إنهاء الحرب في غزة، لكن الثمن الذي سيقدمه لنتنياهو سيكون ضم الضفة الغربية، مما سيقضي إلى الأبد على إمكانية وجود دولة فلسطينية”.
في رام الله، يبدو أن الاستراتيجية الفلسطينية للخروج من مأزق ولاية ترامب الثانية تعتمد على التقارب مع المملكة العربية السعودية، الساعية إلى السلام وانهاء الحرب بوقف إطلاق النار . يرى المحلل محمد دراغمة أن التنسيق مع العربية السعودية هو الخيار الوحيد لمواجهة ترامب. لكن المحلل هيو لوفت، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، يحذر من الإفراط في التفاؤل. ويقول إن “القيادة الفلسطينية تراهن على السعودية بدافع اليأس أكثر من الرؤية الاستراتيجية”، مؤكدًا أن ترامب قد يعيد العمل بخطة السلام القديمة، مما سيخلق وضعًا أكثر تعقيدًا للفلسطينيين.
لكن ما الخيارات المتاحة أمام الفلسطينيين إن استمر هذا الوضع؟ وهل يمكن للقيادة الفلسطينية تطوير استراتيجية أكثر فعالية في التعامل مع تحديات المرحلة المقبلة؟ إلى أي مدى يمكن للسعودية أن تلعب دورًا فاعلًا في حماية الحقوق الفلسطينية، وما حجم التزامها تجاه ذلك في ظل احتمالات تقاربها مع إسرائيل؟ كذلك، ما الذي يمكن أن تقوم به الأطراف الدولية الأخرى، وما دور المجتمع الدولي في الحد من تداعيات أي تحركات ضم محتملة للضفة الغربية؟.
لعلّ الايام القادمة توفر لنا اجابات عن هاته الاسئلة !.