38°C تونس
December 14, 2024
حرب الأمطار : كيف اجتاحت الفيضانات ..!.
متابعات

حرب الأمطار : كيف اجتاحت الفيضانات ..!.

نوفمبر 1, 2024

فالنسيا – عرب21 :

طوفان مائي لم يرَ شهودا .الكارثة مثله من قبل، ولا خطر على بال بشر. هجوم جامح اكتسح كل ما واجهه في طريقه، خلال دقائق، تحول المكان إلى خراب يفوق قدرة العقل على التصديق، والعين على الرؤية، والقلب على احتمال الأسى.
الأمطار الغزيرة التي اجتاحت جنوب شرق إسبانيا من مساء الثلاثاء إلى الأربعاء أسفرت عن كارثة غير مسبوقة، حيث أودت بحياة ما لا يقل عن 158 شخصاً، مع استمرار البحث عن المفقودين.
وفقاً لخدمات الإنقاذ، كانت منطقة فالنسيا الأكثر تضرراً، حيث سُجل فيها 155 قتيلاً، مما يعكس حجم المأساة وضخامة الأضرار.
تعود أسباب هذه الكارثة، وفقاً للخبير في الكوارث الطبيعية أنطونيو أريتشابالا من جامعة سرقسطة، إلى تغيرات مناخية عميقة في المنطقة، أبرزها ارتفاع درجة حرارة البحر الأبيض المتوسط. هذا الارتفاع ساهم في جعل الأجواء أكثر دفئاً ومشبعة ببخار الماء، مما أدى إلى تشكيل ظاهرة جوية تُعرف بـ”القطرة الباردة”. فعندما تلتقي الرياح الدافئة والرطبة القادمة من البحر المتوسط مع تيارات الهواء الباردة القادمة من القطب الشمالي، كما حدث مؤخراً، يتكون منخفض جوي يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة بشكل استثنائي. في فالنسيا وحدها، سجلت الأمطار كثافة غير مسبوقة بلغت نحو 500 لتر لكل متر مربع خلال بضع ساعات، وهي كمية تعادل الهطول السنوي المعتاد، مما أدى إلى حدوث فيضانات مدمرة.
تأثير هذه الظاهرة المناخية يمتد إلى خارج إسبانيا، إذ شهدت دول مثل فرنسا وأوروبا الوسطى فيضانات كبرى خلال الأسابيع الأخيرة. يشير الخبراء إلى أن ارتفاع حرارة البحر المتوسط يعمل كـ”قنبلة موقوتة”، حيث يؤدي إلى تزايد كمية بخار الماء في الغلاف الجوي، ما يزيد من احتمالات تكوّن تيارات هوائية باردة تنجرف جنوباً، محدثةً تقلبات جوية متطرفة تتكرر وتزداد شدتها نتيجة تغير المناخ.
يأتي هذا إلى جانب تحديات أخرى تواجه حوض البحر المتوسط، حيث تشهد إسبانيا فترات جفاف طويلة الأمد، مما يعقد الظروف المناخية ويزيد من تكرار وشدة الظواهر المتطرفة. فالتغيرات المناخية تساهم في تقلب الأحوال الجوية بين جفاف قاسٍ وأمطار غزيرة، مما يؤدي إلى حالة من “الفوضى المناخية” التي حذر منها العلماء منذ عقود.
لكن عندما تغضب الطبيعة، لا يستطيع الإنسان أن يقف أمامها، ولكن يمكنه أن يتجنب تكرار غضبها بفهمها ومداورتها .
لتفادي تكرار هذه الكوارث، يوصي الخبراء بضرورة إعادة توطين السكان من المناطق المعرضة للفيضانات وتوفير مساكن آمنة لهم. على الرغم من أن هذه الحلول تتطلب استثمارات كبيرة من حيث الوقت والموارد، إلا أنها تعتبر حتمية لتقليل الخسائر البشرية والمادية، والعمل على التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *