38°C تونس
December 8, 2024
بعد توقف ” الشارع المغاربي ” ..!.
أراء وأفكار

بعد توقف ” الشارع المغاربي ” ..!.

نوفمبر 1, 2024

ابوبكر الصغير

من الانباء التي آلمتني هذه الايام ، قرار توقف عن الصدور لجريدة ” الشارع المغاربي ” .
عندما لا ندري ما اهمية الصحيفة ، كيف يمكننا أن نعرف ما هو موتها ؟.
هل تخوض صحافتنا المكتوبة معركتها الأخيرة للحفاظ على وجودها الذي بات مهددا بجدّ هذه المرّة .
عندما تختفي صحيفة او دورية ، بغض النظر عن نوعها أو أسلوبها ، فإنها دائما ما تموت قليلا من حرية التعبير .
مع احتجاب كل صحيفة، ورقيًا، يتعرّى واقعنا من إحدى أوراقه التي لم تحرقها نيران الازمات المتتالية .
تونس البلد الوحيد في العالم الذي لم تعد تصدر فيه الاّ ستّ صحف يومية فقط !! ثلاث بالعربية و ثلاث بالفرنسية .
تونس البلد الوحيد الذي لا تصدر فيه جريدة راي او دورية حزبية واحدة باستثناء طبعا جريدة ” التحرير ” لحزب التحرير .
حتى في زمن الاستعمار و التخلف و بدايات البناء الوطني كانت الصحافة المكتوبة في عزِّ عطائها بما تزخر به الساحة من عشرات العناوين باللغات العربية و الفرنسية و حتى الايطالية و اليهودية و من كلّ المشارب و الالوان السياسية و الفكرية و حتى الدينية ..
كان للصحيفة رونقها ، وكان انتظارها يوميًا ، في غاية الشوق ، يتخاطفها القرّاء ، يجدون فيها متعتهم في قضاء ساعات و ساعات في اكتشاف محتواها و الاطلاع عليها و قراءة التقارير و التحاليل و المقالات .
بالفعل من الصعب تحليل الوضع الحالي للصحافة المكتوبة بتونس دون مراعاة بيئتها المباشرة.
لكن هذا تنافسي للغاية : إذا ظلت الصحافة المكتوبة لفترة طويلة هي الناقل الرئيسي لنشر المعلومات ، فإنها لم تعد كما هي اليوم . لقد ادى انتشار الوسائط وتخصصها إلى تشبع سوق المعلومات المتاح في أي مكان و زمان.
لكن لا يمنع كلّ هذا ، ان تبقى الصحافة المكتوبة امّ الاعلام ، و روح الحريات و الاسّ و الاصل و العنوان الرئيسي في كلّ عمل و انجاز صحفي .
في الدول المتقدمة ( فرنسا ، اليابان ، الولايات المتحدة ، بريطانيا الخ …) تدرج الحكومات الصحافة المكتوبة ضمن مجالات السيادة ، لا تختلف في شيء عن اهمية بقيّة مؤسسات الدولة ، بما يتّجه الى اتخاذ كلّ الاجراءات لدعمها بشتى الطرق و تخصيص الميزانيات و توفير كلّ انواع الدّعم و اقرار الاجراءات المختلفة للحيلولة دون موتها .
حضرت قبل سنوات ، الندوة التي دعا اليها الرئيس الفرنسي الاسبق نيكولاي ساركوزي لانقاذ الصحافة المكتوبة الفرنسية و كيف كانت مخرجاتها قرارات تاريخية انقذت صحفا و مجلات بتخصيص ميزانيات خيالية و اقرار حزمة دعم ضخمة و امتيازات جبائية و اشتراكات بالالاف ، ناهيك انّ صحيفة ” لومند ” وحدها تمتّعت باربعين الف اشتراك سنوي في حين تم اقرار عشرات الالاف من الاشتراكات السنوية الاخرى لكلّ الدوريات و المجلات ، لكن الاهمّ هو ادراج مادّة مطالعة الصحف في كلّ المؤسسات التعليمية بفرنسا من مدارس و معاهد ..!.
يبقى السّؤال الحارق اليوم ، هل بامكان ما تبقى من صحفنا ان تواصل صمودها في بلاد تدمَر فيها عديد الاشياء الجميلة !!.
الحقيقة أن الكلمة المقروءة المحررة لا تزال ذات قيمة تفوق الكلام العادي المنقول عبر موقع او صفحة في ” السوشيال ميديا ” .
فحيث تكون صحافة حرة يكون الوطن .
فانا شخصيا لا أعرف إلا نوعا واحدا من الحرية.. ألا وهي حرية الكلمة ، على اعمدة صحيفة !.
فانا لست كائنا افتراضيا ، انني من جيل الحبر والورق ..

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *