الجزائر والمغرب: سباق الغاز النيجيري نحو أوروبا وسط توترات مغاربية !.
بقلم – ا. حذامي محجوب
تقدر القدرات الغازية للعملاق الإفريقي نيجيريا ب184 تريليون قدم مكعب من الاحتياطات المثبتة (وهو المرتبة الأولى في أفريقيا والثامنة عالمياً) .
في إطار مساعٍ أفريقية لتزويد القارة العجوز ببديل للغاز الروسي، تشتعل المنافسة بين الجزائر والمغرب على إنشاء مشاريع لنقل الغاز من نيجيريا إلى أوروبا، وسط توترات دبلوماسية وإعلامية بين الجارتين المغاربيتين .
بينما أطلقت الجزائر مشروع خط أنابيب الغاز عبر الصحراء منذ عام 2001، جاء المغرب لاحقاً بفكرة أنبوب غاز نيجيريا-المغرب، لتتصاعد المواجهة على مسارات مختلفة نحو هدف واحد.
مشروع الجزائر: مسار مباشر واتفاقات تاريخية :
في عام 2001، تم إطلاق مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء باتفاق بين الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة والرئيس النيجيري آنذاك أولوسيجون أوباسانجو.
بلغت ميزانية المشروع بين 10 و20 مليار دولار، يمتد على مسافة 4200 كيلومتر من نيجيريا مروراً بالنيجر وصولاً إلى الجزائر. ومن هناك، يتجه الغاز إلى أوروبا عبر خطين بحريين، هما “ميدغاز” نحو إسبانيا و”ترانسمد” نحو إيطاليا، لتوفير نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً.
يمثل المسار المباشر بين ثلاث دول ميزة تقليل التكاليف، مما يعزز من فرص المشروع الجزائري بالمقارنة مع منافسه المغربي.
مشروع المغرب: تطلعات إفريقية ومسار معقد :
في عام 2016، قام الملك محمد السادس بزيارة إلى نيجيريا، حيث أطلق مع الرئيس النيجيري محمد بخاري فكرة مشروع غاز نيجيريا-المغرب، بكلفة تُقدر بحوالي 25 مليار دولار. يمتد المشروع على مسافة 5600 كيلومتر، مروراً بمحاذاة 11 دولة ساحلية، وصولاً إلى المغرب ومنها إلى إسبانيا عبر خط الغاز المغاربي الأوروبي. يستهدف المشروع توفير 18 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، ويهدف إلى تحقيق تعاون إقليمي واسع يعزز من مكانة المغرب في القارة.
تنافس الأجندات واستقطاب الدبلوماسية الأفريقية :
يرى المغرب أن مشروعه ليس مجرد أنبوب غاز، بل ركيزة للتعاون جنوب-جنوب والتكامل الإقليمي، ما يعزز صورته كمحور للتعاون الأفريقي.
بالمقابل، تسعى الجزائر للحفاظ على أفضليتها كمورد موثوق للغاز الأوروبي، مما جعل المواجهة بين الجانبين تستمر على مستوى دبلوماسي وإعلامي.
تعتبر الجزائر أن المشروع المغربي يُعد تهديداً مباشراً لمصالحها في السوق الأوروبية، بينما يروج الإعلام المغربي لاعتبارات أمنية تتعلق بخطر الجماعات المسلحة في الساحل، والتي تُعرقل مشروع الجزائر.
مصاعب قانونية واقتصادية :
رغم الحماسة المحيطة بمشروعي الغاز، لم يتجاوز أيٌّ منهما مرحلة الدراسات والاتفاقيات المبدئية، حيث تكتنفهما تحديات قانونية وتمويلية.
من بين التحديات الأساسية التي يواجهها المغرب في مساره، الاعتماد على موافقة الشركات المشغلة لحقل غاز “السلحفاة الكبرى أحميم” في السنغال وموريتانيا، مما يفرض عليه ضرورة إقناع هذه الدول والشركات لدعم مشروعه.
معركة إعلامية محتدمة وتوقعات غير مؤكدة :
لم يُحرز أي من المشروعين تقدماً ملموساً على أرض الواقع، حيث تقتصر الإجراءات حتى الآن على الدراسات وخطابات النوايا، وسط تكهنات بجدوى المشاريع في الأمد القريب. ومع احتدام الصراع الإعلامي بين البلدين، يبقى السؤال مفتوحا : هل ستتحول هذه المشاريع إلى حقيقة أم تبقى مجرد طموحات غير قابلة للتحقيق في ظل المعوقات الاقتصادية والتوترات السياسية؟