قمة البريكس: التحولات الاستراتيجية الروسية-الصينية
عواصم – كازان : عرب 21 .
تنطلق اليوم الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024، قمة تجمع البريكس في مدينة كازان الروسية، والتي تستمر حتى 24 من نفس الشهر.
تعقد هذه القمة في ظل تصاعد التوترات الدولية، خاصة بعد العدوان الروسي على أوكرانيا في فبراير 2022، والذي دفع الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، إلى اتباع استراتيجية ثلاثية تتمثل في الجوانب العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية.
على الصعيد العسكري، كانت الولايات المتحدة وأوروبا حريصتين على دعم الجيش الأوكراني بالمعلومات والأسلحة المتطورة، إلى جانب تقديم التمويل السخي لحكومة كييف التي فقدت عائداتها.
ورغم هذه الجهود، لا تزال أوكرانيا صامدة، إذ لم تتمكن القوات الروسية من السيطرة على المدن الرئيسية مثل خاركيف وكييف وأوديسا.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد سعت الدول الغربية إلى إضعاف الاقتصاد الروسي من خلال فرض عقوبات صارمة. ورغم تأثير هذه العقوبات على بعض القطاعات مثل البنوك وشركات الطيران، إلا أن روسيا تمكنت من إيجاد أسواق جديدة لصادراتها من الطاقة، مما أضعف فعالية هذه الاستراتيجية. وبدلاً من ذلك، أدت الإجراءات الغربية إلى رفع أسعار الغاز الأمريكي، مما كبد الصناعة الأوروبية أضرارًا إضافية.
أما على الصعيد الدبلوماسي، فقد كانت هناك محاولة لعزل روسيا دوليًا، إلا أن هذه المساعي باءت بالفشل كما يتضح من القمة الحالية، حيث يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برؤساء دول بارزة مثل رئيس الصين شي جين بينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقد أكدت 32 دولة مشاركتها في القمة، بما في ذلك الأعضاء المؤسسون مثل البرازيل وجنوب أفريقيا.
و على الرغم من الاتهامات الموجهة لبوتين بجرائم حرب من قبل المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن قمة كازان تمثل فرصة لإعادة تأكيد مكانة روسيا في الساحة الدولية. كما أن انضمام دول جديدة مثل مصر وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى البريكس يعكس التوسع الاستراتيجي للمنظمة.
تجدر الإشارة إلى أن مجموعة البريكس ليست تحالفًا عسكريًا مثل الناتو، بل هي بمثابة “نادي” ينتقد سياسات الغرب ويشجب العقوبات التجارية التي تعتبرها دول البريكس تدابير غير عادلة.
تتوجه الأنظار نحو الصين التي تسعى من خلال هذه القمة إلى تعزيز استراتيجيتها لإلغاء هيمنة الدولار الأمريكي في المعاملات الدولية. تعتبر بكين أن استخدام الدولار يمنح واشنطن القدرة على مراقبة جميع المعاملات المالية، مما يجعلها تسعى لتحويل التجارة إلى اليوان والروبل.
تشير الإحصائيات إلى أن 54% من المدفوعات الدولية للصين تتم بالرنمينبي، بينما تشكل المدفوعات بالدولار 42% فقط. وفي إطار التوجه نحو المزيد من الاستقلال المالي، بدأت عدة دول مثل الأرجنتين والبرازيل والهند في إجراء تسويات بالعملات الوطنية بدلاً من الدولار.
في ختام القمة، سيكون من الصعب على الرئيس الأمريكي المقبل الذي سيتولى منصبه في 5 نوفمبر 2024 الحفاظ على استراتيجية عقوبات مستمرة، بينما يحاول الحفاظ على مكانة الدولار كعملة احتياطي عالمية. تشكل قمة البريكس في كازان منعطفًا مهمًا في العلاقات الدولية، ويمثل تجمعها تحديًا واضحًا للهيمنة الغربية.