إيران تسعى لحشد الخليج ضد صراع إقليمي وتهدئة التوترات: دور حاسم للسعودية
حذامي محجوب
في خطوة دبلوماسية تهدف إلى منع تصعيد إقليمي واسع، قام وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بزيارتين متتاليتين إلى المملكة العربية السعودية وقطر في يومي 9 و10 أكتوبر، في رسالة واضحة مفادها ضرورة وقف الصراع الذي يلوح في الأفق بين الكيان الصهيوني وإيران. وقد تم استقبال عراقجي في الرياض من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قبل أن يتوجه إلى الدوحة للقاء رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني. وتأتي هذه التحركات في وقت حساس مع تزايد التوترات في المنطقة، خاصة بعد الهجوم الإيراني على الكيان الصهيوني في الأول من أكتوبر والذي شمل إطلاق نحو 180 صاروخًا استهدفت بعض المواقع الاستراتيجية. هذا الهجوم جاء ردًا على مقتل قيادات من حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية. وقد توعد الكيان الصهيوني برد قاسٍ.
تجد دول الخليج نفسها في موقف معقد، حيث قد تصبح محاصرة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من جهة، وإيران ومحور المقاومة من جهة أخرى. ووفقًا لوكالة رويترز، نقل عراقجي تحذيرًا صريحًا لدول الخليج من مغبة السماح باستخدام مجالها الجوي أو القواعد العسكرية الأمريكية ضد إيران، محذرًا من أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى رد فعل قوي من الجمهورية الإسلامية.
في هذا السياق، تلعب المملكة العربية السعودية دورًا محوريًا في تهدئة التوترات، حيث أظهرت القيادة السعودية استعدادها للتواصل المباشر مع طهران رغم التوترات المتصاعدة. استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لعراقجي يُعتبر “إشارة قوية” على الثقة المتبادلة بين الرياض وطهران. ووفقًا للمحللين، تعكس هذه الخطوة تحولًا في السياسة الخارجية السعودية التي تعتمد بشكل متزايد على الحوار والدبلوماسية في التعامل مع الأزمات الإقليمية. تسعى السعودية إلى توجيه رسالة واضحة بأنها ليست جزءًا من أي تحالف عسكري موجه ضد إيران، وتدرك أن استمرار الانخراط في الحوار مع طهران يمكن أن يحمي مصالحها من خطر أي رد فعل إيراني قد ينجم عن تصاعد النزاع مع الكيان الصهيوني أو الولايات المتحدة.
إلى جانب ذلك، ترى الرياض في هذا الحوار فرصة للعب دور الوسيط، خاصة وأن السعودية تحاول تجنب الانخراط المباشر في نزاعات مع جيرانها وتعزز موقعها كوسيط في الأزمات الإقليمية. هذا الدور الاستراتيجي يعزز مكانتها كقوة رئيسية في المنطقة تسعى لتحقيق الاستقرار وحماية مصالحها.
إشارة هذه التحذيرات لم تغفل عن الأعين، حيث تمثل القواعد الأمريكية في دول الخليج هدفًا محتملًا لإيران في حال توسع النزاع. وفي هذا السياق، أشارت تقارير إخبارية إلى أن الكيان الصهيوني قد يفكر في استهداف المنشآت النفطية الإيرانية، ما يزيد المخاوف من أن ترد إيران بمهاجمة البنية التحتية النفطية في دول الخليج. وقد يعود الحوثيون في اليمن إلى مهاجمة السعودية والإمارات في ظل تصاعد هذه التوترات.
كما أظهرت التحركات القطرية رغبة في لعب دور محوري، حيث استفادت الدوحة من علاقاتها القوية مع كل من واشنطن وطهران، خصوصًا في ظل مساعي الولايات المتحدة للحد من الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني.