“إسرائيل بين النصر المؤقت والخسارة الحتمية: في معضلة السياسة والقوة” !
بقلم – ا. حذامي محجوب
في مقال كنت نشرته في صحيفتنا ” عرب21 ” news.com بعد اسبوع من عملية 7 اكتوبر 2023 , كتبت ان هذه الكارثة “ستزعزع التوازنات الإقليمية”. لم يكن من الصعب التنبؤ بذلك، لكن ما لم أكن أتوقعه هو أننا بعد عام لانزال في نفس الوضع، بل وأسوأ بكثير .
اليوم، تواجه اسرائيل سبع جبهات رئيسية: في الجنوب تهاجم حركة حماس، في الشمال تواجه حزب الله، وفي الشرق، الضفة الغربية تشهد انتفاضة لم تعلن عن نفسها بعد. بالإضافة إلى ذلك، تواجه مجموعات مقاومة في كلَ من سوريا والعراق، بينما تواجه الحوثيين في اليمن، وأخيرًا، تقف إيران كالداعم الأكبر لمحور المقاومة وفقًا لأغلب المراقبين.
في نفس المقال السابق، تناولت المسؤولية السياسية والاخلاقية لبنيامين نتنياهو وحكومته عن هذا الوضع الكارثي .
أما بالنسبة ليحيى السنوار، زعيم حماس ، فإن أيديولوجيته الجهادية جعلته لا يعبؤ بموازين القوى رغم انه يتقن العبرية ويدعي أنه خبير في شؤون الكيان ، لكنه أساء فهم أسباب قوته ، واستخلص استنتاجات خاطئة من نقاط ضعفه المؤقتة.
ألم يعلن حسن نصر الله في خطاب شهير أن : ” الكيان الصهيوني، رغم قوته النووية وسلاحه الجوي، “أضعف من بيت العنكبوت”؟ وبعد مرور ربع قرن، انتهى بيت العنكبوت بانفجاره ومقتل العديد من قادة محور المقاومة في المنطقة ” .
ان رد اسرائيل على هجوم 7 أكتوبر 2023 بحملة قصف مدمرة وهجوم بري على قطاع غزة، قد أسفر عن سقوط 41,802 قتيل على الأقل، معظمهم من المدنيين، وفقًا لأرقام وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، دون احتساب الجرحى وحجم الدمار الهائل الذي خلف أكثر من 40 مليون طن من الركام.
ومع ذلك، يبقى السؤال الجوهري الذي يجب طرحه هو : هل يمكن الخروج من هذا المستنقع الذي أدخلنا فيه هجوم 7 أكتوبر 2023 بطريقة تحفظ الكرامة البشرية ؟ نعم، بشرط أن نأخذ في الاعتبار ثلاث حقائق أساسية. – أولاً: ان العودة إلى الوضع السابق مستحيلة. السبب الرئيسي للوضع الحالي، الذي تعمقه سياسات نتنياهو المدمرة، هو وجود كيانات شبه دول مسلحة على حدود اسرائيل ، هدفها القضاء عليها وتعبر عن ذلك صراحة .
يمكن السخرية بعد عام من وعود نتنياهو بتحقيق “النصر الكامل” والقضاء على حماس بشكل نهائي، ولكن لا شك أن نزع قدرة تلك الحركة على التدمير بشكل كامل أمر ضروري.
ثانيًا، التغيير في النهج أمر حتمي. القوة استدعت القوة، لكنها لا يمكن أن تكون الحل الوحيد نظرًا للدمار الذي تسببه. بعد هجوم 7 أكتوبر 2023، كان تفكيك البنية العسكرية والسياسية لحركة حماس أمرًا ضروريًا بالنسبة لاسرائيل ، وهذا ما دأب نتنياهو وحلفاؤه على ترديده.
لكن يبقى السؤال: الذي لا تجيب عنه لا حماس ولا نتنياهو هو لماذا ،على مدى عقدين من الزمن تزامنا مع وجود نتنياهو في السلطة، سمحت اسرائيل لحركة حماس بالنمو والتسلح؟
انّ هجوم 7 أكتوبر 2023، إلى جانب القصف اليومي على مناطق الجليل، ووجود نحو 100 ألف نازح اسرائيلي في الداخل ، أجبر حكومة الكيان على إعادة حساباتها.
ومع ذلك، القوة وحدها ليست كافية، بل يجب أن تقود إلى سياسة. فكما تكره الطبيعة الفراغ، إذا لم يتم ملء الفراغ الذي سيتركه الجهاديون، فسيظلون موجودين غدًا، وإن كانوا مهزومين ومنهكين، لكنهم سيعيدون بناء أنفسهم.
ومع ذلك، يبدو أن نتنياهو، لأسباب تتعلق بسياساته الداخلية، يتجنب الحديث عن هذا الجانب الحاسم.
لهذا السبب، بينما تكسب اسرائيل المعارك، يبدو أنها على طريق خسارة هذه الحرب في النهاية.