ليبيا : إعادة إعمار درنة: ورقة رابحة في يد الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر .
عواصم – طرابلس : عرب 21
منذ ما يزيد عن عام، شهدت مدينة درنة الليبية دمارًا هائلًا جراء فيضانات قاتلة في ليلة 10 إلى 11 سبتمبر 2023.
ادى انهيار سدين ممتلئين بالمياه بفعل العاصفة دانيال إلى تدمير جزء كبير من المدينة التي كانت موطنًا لحوالي 100 ألف نسمة، مخلفًا أكثر من 5,923 قتيلًا حسب الأمم المتحدة، مع استمرار آلاف الأشخاص في عداد المفقودين.
ورغم حجم الكارثة، ظهرت بوادر إعادة الإعمار في المدينة المنكوبة.
مبانٍ جديدة ترتفع بجانب المباني المتضررة، وجسور قيد الإنشاء على مجرى النهر الذي مزق المدينة، في محاولة لإعادة الحياة الطبيعية إليها. ورغم كل ذلك، تظهر صورة المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي على السقالات، لتؤكد للجميع أن السيطرة على المنطقة ما زالت في يده.
أوكلت مسؤولية إعادة الإعمار لابن المشير حفتر، بلقاسم، البالغ من العمر 43 عامًا، وهو مهندس يترأس صندوق التنمية وإعادة الإعمار الذي خصص له برلمان بنغازي 10 مليارات دينار ليبي. وعلى عكس إخوته، صدام وخالد، الذين يشغلون مناصب عسكرية، اختار بلقاسم تقديم نفسه كوجه جديد للعائلة في مجال الأعمال والاستثمار.
رغم التقدم الظاهر في بعض المناطق، ما يزال الطريق طويلًا. في ظل التقديرات الرسمية التي تشير إلى إنجاز 70% من عمليات إعادة الإعمار، يشكك البعض في هذه النسبة. يرى عنواجة المساوري، أستاذ في جامعة درنة، أن “الصندوق أعاد فتح الطرق وأعاد الأمل للناس، لكن النسبة الفعلية لا تزال بعيدة عن المعلنة”.
في الوقت نفسه، يعاني النظام الذي يديره صندوق الإعمار من الضبابية، حيث لا تقدم السلطات تفاصيل دقيقة حول التكاليف أو العقود المبرمة مع الشركات. لكن بلقاسم حفتر يؤكد أن “الأهم ليس كم سيكلف، بل أن يتم إنجازه في الوقت المحدد”. ومع ذلك، يعبر السكان عن استيائهم من بطء المساعدات، حيث لا تزال بعض العائلات المتضررة تنتظر التعويضات.
سيطرة واحتكار للمشاريع:
تتعامل السلطات في شرق ليبيا مع أي معارضة بإجراءات صارمة. في سبتمبر 2023، تظاهر المئات في درنة احتجاجًا على تقاعس السلطات، مما أسفر عن اعتقالات . منظمة العفو الدولية أكدت أن القوات المسلحة العربية الليبية قمعت كل محاولات النقد.
في ظل التعتيم الذي تفرضه السلطات، تظل الأسئلة قائمة حول ميزانيات إعادة الإعمار وأولوياتها. ومع ذلك، يسعى بلقاسم حفتر إلى تصوير سلطات الشرق الليبي كالأكثر قدرة على إعادة بناء ليبيا، مقارنة بحكومة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، والتي يتهمها بإنفاق المليارات دون تحقيق إنجازات ملموسة.
نفوذ إقليمي ودور مصر:
تلعب مصر دورًا رئيسيًا في إعادة الإعمار بشرق ليبيا، حيث منحت الشركات المصرية معاملة تفضيلية في تنفيذ المشاريع الكبرى. من أبرز هذه الشركات “أبناء سيناء”، التي يديرها رجل الأعمال إبراهيم الأرجاني المقرب من النظام المصري.
مع انتشار الأعلام المصرية والليبية جنبًا إلى جنب في مواقع البناء، يسعى المشير خليفة حفتر إلى توسيع نفوذه الإقليمي وتعزيز علاقاته مع القاهرة، مما يجعله لاعبًا أساسيًا في المشهد الليبي والدولي.
واضح ان إعادة إعمار درنة تشكل فرصة لعائلة حفتر لتوسيع نفوذها وترسيخ سيطرتها على الشرق الليبي. ورغم التقدم المحقق، تظل العديد من التساؤلات حول جدوى المشاريع وشفافيتها، في ظل نظام يضيق على المعارضة. استخدام إعادة الإعمار كأداة نفوذ سياسي يعزز من دور المشير حفتر في ليبيا، ويربط مستقبل البلاد بالمصالح الإقليمية والدولية.