“الإسلاميون ” يحققون صعودًا غير مسبوق في الأردن: خطوة نحو التغيير أم توازن سياسي عابر؟ .
عواصم – عمان – عرب 21 : ا. حذامي محجوب .
في سابقة تاريخية، حققت جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين ، فوزًا غير مسبوق في الانتخابات التشريعية الأردنية، حيث حصدت 31 مقعدًا من أصل 41 مخصصة للأحزاب السياسية، من مجموع 138 مقعدًا في البرلمان.
يأتي هذا الفوز وسط ظروف إقليمية متوترة واقتصادية متردية، مما يثير تساؤلات حول دور الإسلاميين ( الاخوان ) المستقبلي في المشهد السياسي الأردني وتأثيرهم الإقليمي.
المشاركة الحكومية ومستقبل الحركة :
من المتوقع أن تشارك جبهة العمل الإسلامي في الحكومة ولكن ضمن وزارات غير سيادية، مثل وزارة الأوقاف أو التنمية الاجتماعية.
ورغم هذه المشاركة المتوقعة، فإن الخبراء يتوقعون تصاعد الحراك السياسي داخل البرلمان، حيث سيواجه الإسلاميون تحديات كبيرة في إحداث تغييرات فعلية، ويظل السؤال الأهم هو : هل سيتمكن الإسلاميون من تحويل هذا الفوز الانتخابي إلى إنجازات ملموسة، أم أن وجودهم سيقتصر على إضفاء توازن سياسي دون تغيير حقيقي !.
الانتخابات تحت ظلال الحرب في غزة:
جاءت الانتخابات التشريعية في الأردن في ظل اشتعال الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، والتي ألقت بظلالها على الساحة الأردنية حيث يشكل الفلسطينيون حوالي نصف السكان.
هذا الصراع أدى إلى تصاعد التوترات في المملكة الهاشمية ، حيث شهدت احتجاجات متكررة تطالب بإلغاء معاهدة السلام مع اسرائيل .
ولعبت هذه التوترات دورًا في تعزيز حضور جبهة العمل الإسلامي التي وعدت بتعبئة الجهود لدعم غزة والقضية الفلسطينية.
نتائج غير مسبوقة للإسلاميين :
تعد نتائج الانتخابات تقدمًا هائلًا لجبهة العمل الإسلامي، التي كانت تمتلك 10 مقاعد فقط في البرلمان السابق. ووفقًا للمحللين، فإن حصول الإسلاميين ( الاخوان ) على ما يقارب نصف مليون صوت يمثل رقمًا غير مسبوق، مما يعكس شعبية الحركة وسط تراجع ثقة الشعب الأردني في الأحزاب التقليدية الموالية للنظام. هذا التقدم يعيد إلى الأذهان أفضل نتائج الجبهة في انتخابات عام 1989، حين حصلوا على 22 مقعدًا من أصل 80.
تحولات اقتصادية وسياسية تدفع بالإسلاميين إلى المقدمة :
تزامنت الانتخابات مع أزمة اقتصادية حادة، حيث ارتفعت معدلات البطالة وتراجعت مستويات التنمية. هذا التدهور الاقتصادي، إضافة إلى التوترات الإقليمية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، جعلت الإسلاميين يظهرون كبديل سياسي مقبول لدى شريحة واسعة من الشعب.
يرى العديد من الخبراء أن النظام السياسي الأردني قد يسعى إلى تحقيق توازن داخلي في مواجهة تصاعد اليمين المتطرف في الكيان الصهيوني.
تحديات في ممارسة السلطة:
رغم هذا الفوز الكبير، يواجه الإسلاميون تحديات كبرى في فرض سياساتهم داخل البرلمان.
يتمتع الملك بسلطات واسعة، بما في ذلك تعيين مجلس الأعيان، الذي يمكنه تعديل أو رفض القوانين الصادرة عن النواب.
بموجب الدستور، يستأثر الملك بمعظم السلطات، فهو يعين الحكومات ويمكنه حل البرلمان. هذا يعني أن قدرة الإسلاميين على إحداث تغييرات جوهرية ستظل محدودة في ظل هذه العقبات المؤسسية.
انعكاسات إقليمية لصعود الإسلاميين :
يشير المراقبون إلى أن نجاح الإسلاميين في الأردن قد يشجع حركات الإسلام السياسي في دول أخرى مثل مصر وتونس على السعي لتحقيق نتائج مشابهة.
هذا الصعود قد يشكل تحديًا لبعض الدول العربية التي تعارض مشاركة الإسلاميين في السلطة، مما قد يؤدي إلى تغييرات في المشهد السياسي الإقليمي.