مذكرات صحفي ليبي في تونس
جولة متأنية في نابل
بقلم علي محمد الهلالي – مدير عام باقة قنوات ليبيا الجديدة .
بعد ان استقر بي المقام نسبيا في تونس وبدأت اتلمس الطريق بين ازقتها وحواريها جاءت الفرصة لأرى المدن التونسية بشكل اوضح ..
كنت مع صديقين يقيمان بجواري وكان علينا ان نهبط سريعا من تلك الشقة إثر دعوة ألح علينا صاحبها لأيام ارتأينا ان نلبي الدعوة خصوصا وانها ستأخذنا لبراح آخر لم نطأه قبلا .. ولأنهم يقولون :”خش البلاد بهلها” ولاننا نحب الامتثال للأعراف فكان ان دخلنا “نابل” مع ابنها.
الإطلالة البحرية لمدينة تحالف فيها البرتقال مع البحر تأخذ بالالباب ولم تفلح كل دفاعاتي في الصمود أمام سحر العيون “النوابلية” التي كادت ان تجعلني انسى لماذ قدمت إلى تلك الضواحي.
تراءت في مخيلتي ونحن نجلس في الصالة وقد وضع أمامنا الكسكسي في التبسي الذي يبدع أهل نابل في صناعته ورائحة الزهر تعطر المكان حيث ستتشبع حاسة الشم عندك بالعطرشية الذي هو العطر الذي يتم تقطيره وكذا ماء الورد الذي يفوح من كل ركن هذا غير الزهر وهو يعانق قهوتك وانت ترتشفها بشغف في منزل بوزلفة إذا ماقررت ان تكون في حضرة الجمال.
بعد الوجبة كان علينا ان نبحث عن كيلو “قارص” لإطفاء السعير الذي اشتعل في جوفنا لانها كانت “حارة” حد الاحتراق بإعتبار ان الحار هنا علامة دالة على مدينة تتميز اكلاتها بالتوابل وهريستها العربية لاتتكر في اي مكان خارجها.
ولولا عيون “قربص” لأخذتني عيون النابلية على حين غرة ولكانت غيرت مسار رحلتي التي كنت اقصد فيها الاستشفاء بالماء الساخن في معادلة امتزاجه بماء البحر.
من شط “تازركة” إلى “قرمبالية” عبر “قربة” وليس انتهاء ب”منزل بوزلفة” التي تحيط بها “السواني” كان علينا ان نهجع للراحة بعد ان استنفذتنا مدينة لايمكنك ان تشعر فيها بالغربة.
لله درك ايتها البلاد ولله در بلادي التي تحتل القلب والعقل ولايمكن ان اشفى من حبها حتى نبعث بين يدي مليك مقتدر.