الخوف .. لا يجعلك حرّا ! …
ابوبكر الصغير
لا يمكن تحرير إنسان بنفس الممارسات التي تعرّض فيها للظلم و القهر ، بعد ان نفرها و رفضها .
إن التركيز النضالي على المسائل الشخصية لا يعبر عن الهوس بالدفاع عن حقوق الناس بل الهوس بالمصالح الذاتية .
التواصل الاجتماعي الذي لا تشوبه شائبة فساد ، هو أساس الهوية النضالية .
النضال المدني ، التزام جمعوي أو سياسي لصالح قضية قريبة من قلب المرء ، بالتالي، فإنه يمنح وقته لمنظمة ما كمتطوع ، بهدف تعزيز المواطنية و الالتزام بمبادئ و قيم و حشدها لأعمال الهيكل الذي ينتمي اليه و قرر الارتباط به .
من اطرف ما كنت اطلعت عليه ، قبل فترة قصيرة وثيقة صادرة عن نقابات تابعة للاتحاد العام التونسي للشغل بجهة المنستير .
تفيد هذه الوثيقة التعاقد مع محل عطورات و هدايا في سياق ” الاحاطة الاجتماعية ” !! ، لمنظوري هذه النقابات و توفير لهم تخفيضات بنسب متفاوتة في العطورات و مواد التجميل و الشامبو واجهزة العناية بالبشرة !! .
لا ادري مدى صحة الوثيقة ، لكن لم ار تكذيبا حولها او توضيحا بخصوصها من قبل المركزية النقابية او حتى الاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير .
انتهت مشاكل العباد و البلاد و العمال و الاجراء و المقهورين لنفكر في الزينة و الجمال ..
حلم التونسي اليوم قطعة خبز بدون الوقوف ساعات في صف ، و معاناة فقدان زيت و عجين لغذاء الاسرة و عدم توفر سكر و قهوة لتعمير الراس . ، نسي التونسيون العطور و رائحتها و مواد التجميل و ملحقاتها ، غرقوا في همّهم اليومي فما بالآمر نقابيين ليس لهم من رسالة الاّ الدفاع و الانتصار لحقوق العامل و العيًاش .
لا يختلف اثنان و لا يتناطح عنزان اننا نعيش منذ فترة انحرافات في العمل النقابي .
بالفعل هنالك شيطنة و صورة سلبية تاسست منذ فترة حول المنظمة الشغيلة و قيادتها ، قد تكون بخلفية مبيتة بفعل بعض الاطراف السياسية او حسابات لقوى لها مصلحة في اضعاف الاتحاد و ضربه و ان لزم الامر القضاء عليه ، لكن لا يمنع هذا الموقف القول انّ تجاوزات خطيرة و اخطاء جسيمة ارتكبت باسم النضال النقابي بما اساء لصورة الاتحاد و اضرً بالارث التاريخي لهذه المنظمة الوطنية .
فبالاضافة الى ما يتم تناقله و تروّج له جهات معادية للاتحاد من وجود ممارسات فساد تورّطت فيها قيادات نقابية من خلال مواقع مسؤولياتها او ما تمارسه قيادات اخرى من عمليات ابتزاز لاصحاب الاعمال و المؤسسات .
نحن اليوم في اوكد الحاجة الى المراجعة النقدية داخل المنظمة تنطبق على الجميع بدون استثناء قيادة و قواعد .
اننا نميز عند التعاطي مع حالة الاتحاد الفصل بين المنظمة ككيان نقابي و مكسب وطني له أدوار تاريخية عظيمة مشهودة ، وبين القيادات التي تتداول على المسؤولية تبعا لموازين القوى داخل المنظمة و سيطرة توجّه سياسي معيّن غلّب مصالحه الحزبية على حقوق منضوي المنظمة .
هنالك تقدير موقف يوفّر اجماعا حوله ، انّ الاتحاد في مرحلة حرجة جدا من مساره ، و انّ هذه الوضعية اذا استمرًت ستكون نتيجتها بالفعل ضرب في مقتل اهم قوى اجتماعية بالبلاد .
انّ المصيبة ليست في سوء حوكمة و فشل سياسات من بيدهم مصير المنظمة بل في صمت المنضوين و موقف اللاًمبالاة حول ما يحصل لمنظمتهم .
فمن يعش في خوف و ظلم و من جعل ديدنه الطمع و البحث عن الغنيمة لن يكون حرا أبدا .