نهاية صاحب شارب !!.
ابوبكر الصغير
.في غياب اليمين لايمكننا أن نتحدث عن اليسار
يعتقد اليسار أن مفهوم الوطن ليس مفهومًا ثقافيًا، بل هو المكان الذي يسمح لك بأن تعمل لتعيش بحرية.
اليسار ينادي بحرية من نوع: كن أنت حرًا سيّدا على نفسك .
تقضي الرجولة ان نمد احيانا جسومنا جسرا
تعبيرا لطريق رفاقنا لكي يعبروا .
هذا بالذات الذي غاب عن رموز اليسار عندنا ..
من انانية حمة الهمامي الى شوفينية منجي الرحوي و احلام ” الكي ” ، محمد الكيلاني .
يحدث الخطاب السياسي على ” المسرح السياسي” ، أي في الفضاء العام حيث يكون للتعبير بعد مقنع .
إن مراقبة الهزيمة السياسية من خلال البعد الاستطرادي والعاطفي تجعل من الممكن فهم التمرين الخطابي كتقييم شخصي وخطاب هزيمة حيث تمثل نهاية طموح سياسي و رغبة زعامة .
إن ملاحظة العواطف في السياسة ليست جديدة منذ العصور القديمة ، بالفعل في الحاجة إلى فهم المشاعر من أجل استكشاف الطبيعة البشرية الحقيقية و القدرات السياسية للأفراد .
اذ تشغل العواطف مجالا كاملا في العلوم السياسية ينقسم إلى فئتين رئيسيتين من التحليل.
الأول يشكل أقدم وجهة نظر للنظام ويشرح أن العاطفة ترسخ السلوك والمواقف . تهتم بالعاطفة كشخصية ويركز الباحثون عملهم على القادة السياسيين .
تستكشف الفئة الثانية من التحليل فهماً آخر للاستجابة العاطفية. بدلاً من الاعتقاد بأن المشاعر تنشأ من التصورات المعرفية ، يمكن تفسيرها من خلال عملية عقلية متميزة ومستقلة .
يؤكد التحليل المنهجي أن الإدراك المعرفي ينشأ بشكل منفصل عن المسارات العصبية العاطفية التي تقوم بالتقييم .
علاوة على ذلك ، يسعى إلى شرح سبب تفاعل الأفراد مع الظروف المباشرة من حولهم. من خلال هذا النهج الثاني يمكننا أن نفهم لماذا بعض الخطابات السياسية يمكن أن تثير المشاعر في جمهورها لكن تبقى دائما دون نتيجة تذكر .
في الواقع ، يقدم رد الفعل على الوضع السياسي عندنا نظرة ثاقبة لكيفية فهم بعض الأفراد من القيادات او الناشطين السياسيين لموقفهم .
على سبيل المثال ، أن الشعور بالتهديد الدائم الناجم عن توقع الإجراءات السياسية التي يعارضها المرء يمكن أن يحفز على اتخاذ إجراءات مثل التعبئة ، هذا النهج هو جزء من تقليد طويل في علم النفس وفقا له يرتبط التأثير ارتباطا وثيقا بالذاكرة ، مما يجعل من الممكن استدعاء التجارب السابقة وفقا لتكافؤ العاطفة و أهميتها الاستراتيجية.
بالتالي يشكل خطاب الهزيمة علامة عاطفية فريدة لمسار سياسي ما .
هو جزء من طقوس سياسية مؤلفة من رموز ( الشخص القائد الوحيد الاوحد دائما على خشبة المسرح ، جمهور النشطاء الاتباع المريدين ، التصفيق الطويل ، الشعارات الثورية ، شحنة عاطفية قوية الخ …. ) ، ليقوم الرفيق الزعيم بتقدير موقفه و تقييم انجازه و إسقاطه الشخصي والسياسي على الاخر الذي كان سببا لهذا الفشل بما يمكنه الإعلان عن ميلاد و نقطة انطلاقة و بداية جديدة لحملة قادمة !.
هو مؤهّل لادراجه ضمن كتاب ” غينيس بوك ” للارقام القياسية كاقدم زعيم سياسي و رئيس تنظيم حزبي في العالم ، مسيرته تمتد على اكثر من اربعة عقود ، بدا النضال السياسي مبكّرا. ، تحديدا منذ عام 1972 ، عارض كلّ الانظمة و كلّ الرّؤساء و كلّ الحكومات و اغلب الاحزاب ، اسّس صحبة رفاق نضال له ، حزب العمال الشيوعي التونسي ثمّ الجبهة الشعبية لتصبح فيما بعد جبهات ..
رغم انّ الشارب عُرف في الماضي كونه رمزًا للهيمنة الاجتماعية. فانّه حرص صاحبنا ان يكون احد عناوين شخصيته و ملامحه كأداة نفوذ و قوة و رجولة !
مع العلم انه في العالم العربي الإسلامي ، الشارب علامة على الرجولة السياسية ، و هو قاسم مشترك للعديد من رؤساء الدول الحاليين : بشار الأسد ، أمير قطر ، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل ذلك صدام حسين .
بالمناسبة لم يجد سنة 2003 احد مساعدي رئيس دولة عربية ليعير وزير خارجية بلد عربي آخر في خلاف معه الا ان قال له : ” ملعون شاربك ! ” .
من طرائف مسيرة حياته الشخصية كذلك ، انّ احدى بناته الثلاثة ولدت و هو مختبئ يعيش في السرية و لم يعلم أحد كيف أمكنه الاجتماع بزوجته في تلك الفترة و هي امراة مناضلة راضية النصراوي ، كما لم تعرف السلطات أصلا بحمل زوجته إلا في الشهر السادس الامر الذي لما بلغ الرئيس الراحل زين العابدين بن علي غضب كثيرا و اعتبر الحادثة تجاوزا و تقصيرا و عجزا من قبل اجهزة الاستخبارات و الامن .
رغم انّه صرّح قبل فترة انّه سيأتي دوره في حملة الايقافات التي تشهدها تونس في الاونة الأخيرة ، فانّ جهات عديدة تستبعد ذلك لاعتبارات كثيرة ، اهمّها انّه لم يعد له حضور و تاثير قوي او حتى دور في المشهد السياسي و بقي عنوانا خطابيا كعادته يرفض الجميع و لا يقبل الاّ بنفسه و ما يراه هو فقط !!.
انّ الانانية في العمل السياسي اكثر ما تثير فينا الرعب ، رغم انّها تصيب صاحبها في نهاية المسرحية ، اكثر ممّا تؤثر على الاخرين .
كما إن النجاح و التميُّز لا يأتيان من دون أن نتجرع احيانا مرارة الفشل و هو امر لم و لن يقبل به حمَة الهمامي ، الذي لم نره يوما يقوم بنقد ذاتي لمسيرة او مواقف او حتى خيارات سياسية انتهجها هو او تنظيمه .
لانّ من طبيعة الفشل انّه يبقى مرا إذا لم يبتلعه صاحبه .