لا يمكن معالجة كل شرور الديمقراطية الاّ بمزيد من الديمقراطية !!
ابوبكر الصغير
العجيب أن يخلق المرء حرًا ثمّ يأبى لنفسه الحرية.
إنّ الوجود في جوهره حرية، وإن الحرية تتمثل في الحق في الاختيار الحر .
تبدو الديمقراطية كفكرة بسيطة.
إنها ليست أكثر و لا أقل من السلطة المباشرة من قبل الناس ومن أجلهم .
ومع ذلك ، فإن هذه الفكرة البسيطة ، يصعب تطبيقها في الواقع .
عبر تاريخ الانسانية ، رأينا العديد من الأساليب لإدارة الحضارات و الامم و الدول .
اليوم ، هناك طريقة حكم تعيش في ظلها معظم البلدان .. هي الديمقراطية .
لماذا هي بالذات التي بقيت المنظومة السائدة و مدى ضروريتها في السياسة العالمية.
بداهة القول ، انّ الديمقراطية هي النظام السياسي الذي يُشرك الجميع في صنع القرار العام ، فهي ترتقي كنظام للمساواة السياسية.
لكن الاختلافات عديدة بمجرد أن يتساءل المرء عن مضمون هذه المساواة والأسباب التي يمكن التذرع بها لتبريرها .
يطرح البعض عند سياق المسالة الديمقراطية ما يمكن تسميته ب ” عتبة التسامح ” تجاه الفرد أو مجموعة الأفراد و كيف تُقاس قيمة هذا التسامح أو عدم التسامح التي يُظهرها المجتمع ، في هذه الحالة سيكون المشهد السياسي مختلفا تماما .
هنالك من يرى بانه يجب علينا المطالبة بالحق في منع أي إجراء متسامح ، إذا كان ما يعرض ، يتناقض من شروط إمكانية التسامح نفسها بما قد يؤسس لحالة من الخطر مستهجنة أخلاقيا ومدانة سياسيا .
في مفهوم الديمقراطية الغربية ، هي ما يتشكل من دولة القانون والمؤسسات التمثيلية.
يستند هذا كله بدوره إلى مبدأين : الحرية ، و السيادة الشعبية .
هناك حرية سلبية عندما يكون لكل شخص الحرية في أن يدرك نفسه كما يراها مناسبا ، فواجب الدولة يتمثل فقط في تزويده بإطار يمكنه من خلاله التصرف كما يشاء وفقا للقيم التي تبناها لنفسه سواء متحولة او حتى ثابتة. وهكذا فإن الحرية المفهومة قريبة جدًا من الأمن الميكافيلي: فهي تضمن للجميع مساحة مصونة من الاستقلالية ، يطلق عليه سلبي لأن جميع المحتويات الإيجابية للسلوك والعمل تُترك للاختيار الحر للفرد وحده .
فيما يتعلق بالسيادة الشعبية ، فهي تعني أولاً وقبل كل شيء أن القرارات التي تهم المجتمع يتم اتخاذها من قبله أو من قبل ممثليه المؤهلين حسب الأصول ، فالمجتمع يقرر في الحالة الأخيرة ، أن قراراته لا تخضع للاستئناف ، لذلك لا يوجد قانون ولا قوة من شأنها تقييد القوة الجماعية.
في سياق موجة احتجاجات فرنسا قام جدل حول موضوع الديمقراطية و حدودها ، في موقف معناه البسيط يعني سيادة الشعب ، و ما تضمنه من تقنين ذاتي لهذه السيادة عن طريق طاعة القوانين و تحويل السيادة إلى المنتخبين، كما تضمن التقنين الذاتي لنفوذ الدولة عن طريق الفصل بين السلطات ، وضمان الحقوق الفردية، وحماية الحياة الخاصة .
ان المبدا المتداول العام : ” لا ديمقراطية دون ديمقراطيين ” .
البعض يطمح الدخول إلى عصر الديمقراطية حاملا معه فقه الماضي و التخلف ، يحاول الدخول إلى عصر الديمقراطية بنفس المنطق الذي يؤلب الناس على حقوق الاخرين مثل المراة و الأقليات و كلّ ما هو مختلف معه .
“الحرية ، المساواة ، الإخاء “، هذه هي المبادئ الثلاثة الأساسية التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية ، لكن واقع اليوم مغاير لذلك تماما بعد ان اتجهت الحكومة الى سنّ ترسانة جديدة من القوانين نذكر من بينها :
حظر البث المباشر والتحقيق الاستقصائي والمساءلة الشعبية لانتهاكات الشرطة عبر منصات التواصل الاجتماعي .
ان فرنسا محاصرة، والكدمات تُلاحقها من كلّ جانب ، تشهد ازمة لتولد ازمة اخرى ، من السترات الصفراء الى نظام التقاعد ، فحادثة اغتيال الشاب الجزائري فالفوضى السياسية و العجز عن تشكيل حكومة . النتيجة شعور بالاحباط جراء سياسات حكومات فاشلة .
بما يتّجه بالبعض الى استخلاص أن النظام الديمقراطي ليس عادلا بالكامل و لا هو النظام المثالي لسعادة البشر ، و العدل و المساواة بينهم ، كما لا يضمن وجود حكومات تحظى بالرضا العام ..
لكن رغم كلّ ذلك تبقى حقيقة واحدة ، و هي انّه لا يمكن معالجة كل شرور الديمقراطية الاّ بمزيد من الديمقراطية !! .
“قانون الأمن الشامل” الذي يهدف إلى إطلاق أيدي رجال الشرطة بحرية.
قانون نشر أو مشاركة أي صور عبر وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيها رجال الشرطة، إلا إذا طمست كل الملامح المميزة فيها .