روح السياسة ..!.
بقلم – ابوبكر الصغير
لا تحتاج الأرواح الجميلة إلى الاستئذان لدخول القلوب.
أن تكون جسدا معناه أن تكون مرتبطا بعالم .
الجسد هو أحد المعطيات التأسيسية والواضحة للوجود الإنساني .
ففي جسدنا ومعه يولد كل واحد منا، و يعيش .
تختلف نظرتنا لاجسادنا بين من يراه سجنا للنفس يعوق انطلاقها في البحث عن الحقيقة ، وبين من يراه كدسا ماديا لا يترك الروح تصل إلى أصلها الرباني .
شارك ومايزال الجسم البشري كمعيار للقياس في بناء صورة الفرد و مكانته الاجتماعية .
هناك عدد من الأشخاص، ولكن لا يزال هناك الكثير من الوجوه، لأن كل شخص لديه العديد من الوجوه.
هناك أشخاص يحتفظون بوجههم لسنوات ، وبطبيعة الحال، فإنه يبلى، ويتسخ، ويتكسر بسبب التجاعيد .
إنهم يجربونها واحدًا تلو الآخر ويستهلكونها.
لم يعتادوا على الحفاظ على وجه واحد للوجود .
الجسد ، براس ، باجزاء ، الوجه ، البشرة ، الشعر ، العيون ، الانف ، الخدود ، الذقن ، تفاصيل صغيرة متكاملة تصنع صورتك و صورتي و صورنا جميعا ..
بالامكان الولوج الى تفاصيل ادق ، شكل الراس ، مستدير، مربع، ممدود، رفيع، سميك، ممتلئ ، مزهر، أنيق، نبيل، أملس .
طبيعة الملامح كذلك : شاحبة ، مدبوغة، شمعية، صافية، مزدحمة، مشعة، منتعشة، غاضبة، مضيئة ..
اشياء تؤسس لكاريزما .. لقوة و حضور ان شئتم .
كل هذه العناصر في انسان يجب أن تكون مصحوبة بصفات اخرى مؤهلة تساعد على تكوين صورة ذهنية واضحة عن الشخص سواء كان مواطنا عاديا او مسؤولا او حتى قائدا او رئيسا .
الواقع هو فقط وعينا بالعالم.
كما الاشخاص هم فقط ما يتشكّل و يتخلّف عند الاخر من انطباع حولهم .
تفرض الدعاية نفسها كأداة لإثارة المشاعر المرعبة وترتكز على مناشدة السلطة العليا للقوة .
إن صورة القائد او الزعيم الملهم تدفع بموقف دعائي يخلق الحماس والتماسك بين المؤيدين .
ولدى العدو، يخلق الخوف والفوضى في آن .
و بتعبير أدق، لا توفر الصورة المحصّلة مساحات كبيرة للحوار .
إنه اعلان موقف ذو قصدية مقنعة متجانسة وأحادية الجانب، من أجل بناء أساس متين يمكن من خلاله تأسيس شعور عاطفي و أيديولوجي، متلقن بما يكفي لتفادي أو إخلاء أي توبيخ يأتي ليس فقط من مكان آخر، ولكن حتى من الداخل.
لنقف عند صورتين ، تفرضان نفسيهما ، الملثّم و كيم جونغ .
هنالك جدل قائم حول هذا الرجل “الظاهرة” الذي يريد الجميع أن يرى وجهه. من يملا الشاشات و نجح في ظرف ايام ان يبلغ النجومية الكاملة ، لا أحد يعرف وجهه الحقيقي وربما لن نعرفه إطلاقا ، الى حدّ دفع البعض الى التساؤل لم لا يكون ” روبو ” من صنع الذكاء الاصطناعي !!.
انه الملثم أبو عبيدة، الناطق الرسمي الإعلامي باسم “كتائب عز الدين القسام” .
اصبحت الشعوب العربية ترى فيه ناطقا باسمها ! انساها في زعيم القاعدة بن لادن او تنظيم داعش البغدادي !!.
بتلك الصورة التي يظهر بها يوميا جيَّش مشاعر الشارع العربي و صنع علاقة اسطورية بين ” الملثم و الشارع ” ناهيك ان الاطفال الصغار اصبحوا كلما التقوا شخصا حاملا لثاما لقبوه ابوعبيدة !.
الشخصية المقابلة هي رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ الذي غالبا ما يشدّ انظار العالم بجسمه “البالوني” الذي يتطبّل و يترهل بما جعله الرئيس الاكثر وزنا في العالم .
الزعيم القادر على كل شيء، والمملوء رحمة على نحو متناقص ، صاحب خطاب حازم يرفض أو يلغي على المدى الطويل أي احتمال للنقد أو الاعتراض، وينسج شبكة من الصور بدون كلمات تقريبًا، لوصم الخصوم.
علاقة العقل بالجسد أو الجسم عبارة عن جوهرين متمايزين .
قد يخرج الجسد من صمته ليصبح هو العنوان و الموقف و الموضوع .. فلغة الجسد هي كلّ اللغات و هي الاصدقاء و الأهم في التواصل ترسل رسائل كاملة حتى قبل أن تفتح فمك .