فرنسا – التجمع الوطني: على أعتاب السلطة !.
بقلم – أ. حذامي محجوب: رئيس تحرير
في فرنسا انتخابات لا مثيل لها، كان وقت الحملة الانتخابية قصيرا والمشهد الانتخابي مضطربا، ولا يمكن استبعاد سيناريوهات كارثية لمستقبل البلاد.
واجه الناخبون الفرنسيون، خيارا تاريخيا إذ توجهوا إلى صناديق الاقتراع في الدورة الأولى من انتخابات تشريعية تنطوي على رهان كبير يفتح الطريق أمام اليمين المتطرف للوصول إلى السلطة.
شهدت الساحة السياسية الفرنسية تحولًا كبيرًا مع تحقيق اليمين المتطرف، بقيادة جوردان بارديلا، نتائج قياسية في الانتخابات التشريعية المبكرة.
هذا النجاح اللافت وضع حزب التجمع الوطني ( يمين متطرف ) في مركز الاهتمام، مهددًا بتغيير المشهد السياسي الفرنسي بشكل جذري.
يوم الأحد 30 جوان، استطاع حزب التجمع الوطني، المتحالف مع إريك سيوتي من حزب الجمهوريين، الحصول على ( 34 ٪ ) من الأصوات، متفوقًا بفارق كبير على الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية (28٪) والأغلبية الرئاسية (20٪). هذه النتائج التاريخية جعلت مارين لوبان وأعضاء حزبها يعيشون نشوة الانتصار، حيث عبرت عن ثقتها واستمتاعها بهذا النجاح الباهر.
بالمقابل وبالرغم من تبايناته الداخلية، نجح اليسار خلال الأيام التالية في بناء ائتلاف، لكن الخلافات بين “فرنسا الأبيّة” اليسارية الراديكالية وشركائها الاشتراكيين والبيئيين والشيوعيين ولا سيما حول شخص زعيمها جان لوك ميلانشون، المرشح السابق للرئاسة، سرعان ما ظهرت مجددا وغالبا ما ألقت بظلّها على حملة التحالف.
انها ديناميكية قوية لكن غير كافية، على الرغم من النتائج القوية.
فحزب التجمع الوطني لا يزال بحاجة إلى تحقيق الأغلبية المطلقة للوصول إلى قصر الحكومة بماتينيون وتشكيل فريق وزرائه.
جوردان بارديلا، رئيس الحزب، أكد خلال الحملة الانتخابية أنه لن يقبل بأن يصبح رئيس الوزراء إلا في حالة تحقيق الأغلبية، رغم أن بعض أعضاء الحزب ألمحوا إلى إمكانية الحكم بالأغلبية النسبية إذا تم الحصول على الدعم الكافي.
بعد الفوز بالجولة الأولى، تحركت قيادات حزب التجمع الوطني بسرعة لحشد الدعم وتوسيع قاعدة مؤيديهم. مارين لوبان ركزت في خطاباتها على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، مثل التقاعد والتأمين ضد البطالة، بهدف جذب الناخبين الذين كانوا بعيدين عن الحزب في السابق. كما أوضحت استراتيجية الحزب في التعامل مع الدوائر الانتخابية، مشيرة إلى أنها تفضل تحليل كل حالة على حدة واتخاذ القرارات بناءً على الظروف الخاصة لكل دائرة.
أظهرت نتائج الجولة الأولى أن حزب التجمع الوطني قادر على تحقيق الانتصارات في عدة مناطق، لكن الوصول إلى الأغلبية المطلقة ما يزال يتطلب الكثير من الجهد.
الانتخابات التشريعية المبكرة أكدت على توازن القوى الإقليمية وشهدت استبدال اليمين باليمين المتطرف في العديد من المناطق.
تبقى الانتخابات القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كان حزب التجمع الوطني سيتمكن من تحقيق هدفه بالوصول إلى السلطة في ماتينيون.
إن صعود اليمين المتطرف في فرنسا يعكس تحولًا كبيرًا في المشهد السياسي، وسيكون له تأثيرات كبيرة على مستقبل البلاد.
تحقيق الأغلبية المطلقة سيكون التحدي الأكبر أمام هذه القوى اليمينية، وستكون الأسابيع القادمة حاسمة في تحديد مصيرها ومصير المجتمع الفرنسي.
فما كان الفرنسيون يخشونه خلال السنوات الماضية أصبحوا مضطرين للتعامل معه في حيّز زمني قصير، ألا وهو صعود اليمين المتطرف إلى سدة الحكم.