بقلم – ابوبكر الصغير .
في خطوة جريئة تتصدر بها المشهد العالمي، تحتضن المملكة العربية السعودية بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025، لتثبت مجددا أنها لا تسير في ركب المستقبل فحسب، بل تسبقه بخطوات محسوبة وطموحات لا تعرف السقف.
هذا الحدث الرياضي الرقمي الفريد و الأكبر من نوعه، ليس مجرد بطولة بملايين الدولارات والجوائز، بل محطة مفصلية في مسيرة السعودية نحو أن تصبح مركزا عالميا لصناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية. إنه استثمار في العقول والمهارات، في الإبداع والاقتصاد، وفي المستقبل الذي بات يحمل رقما وشاشة وأيقونة.
وسط مشهد عالمي تتسابق فيه الدول لاجتذاب صناعات التكنولوجيا والترفيه الحديثة، تطل السعودية برؤية ثاقبة عبر رؤية 2030، التي وضعت قطاع الألعاب الإلكترونية ضمن 13 قطاعا استراتيجيا لتنويع الاقتصاد، والخروج من عباءة الاعتماد الكلي على النفط. فهل نحن أمام ” نفط رقمي ” جديد؟ وهل ستصبح الرياضات الإلكترونية منجم الثروة القادم للمملكة؟.
إن استضافة المملكة لكأس العالم للرياضات الإلكترونية لا تفتح فقط أبواب الترفيه العالمي، بل تُطلق العنان أمام فرص اقتصادية واستثمارية ضخمة، خاصة للشركات المحلية والإقليمية. فالقطاع الذي بلغ حجمه عالمياً 235 مليار دولار في عام 2022، وفقا لتقديرات مؤسسة ” نيوزو ” ، لم يعد ينظر إليه كترف شبابي أو لهو عابر، بل كرافعة اقتصادية حقيقية، قادرة على خلق وظائف، وتحقيق عوائد، وبناء صناعات متكاملة.
ومع مجموع جوائز يتجاوز 70 مليون دولار، يتجاوز هذا الحدث حدود الرياضة، ليصبح تظاهرة اقتصادية وثقافية عالمية، ومنصة عرض ضخمة للمواهب العربية والمحلية، التي طالما انتظرت الفرصة لتُثبت نفسها أمام جمهور عالمي.
ولأن صناعة الألعاب لا تكتمل بلا مبدعين ومطورين، تشكّل هذه البطولة أرضا خصبة لدعم رواد التكنولوجيا والمطورين السعوديين. فمن خلال شراكات مع أكبر شركات الألعاب في العالم، وخلق بيئة داعمة من التمويل والتدريب والاحتضان، تتيح المملكة فرصاً غير مسبوقة لتطوير المهارات، وتحويل الإبداع إلى مشاريع اقتصادية قابلة للنمو والاستدامة.
ولعل إعلان السعودية عن أول استراتيجية وطنية للألعاب الإلكترونية في العالم، بهدف خلق 39 الف وظيفة جديدة وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي بمقدار 50 مليار ريال سعودي بحلول عام 2030، يعكس عمق الرؤية والإرادة السياسية والاقتصادية لتبنّي هذا التحول النوعي.
بينما تُنظم الرياض بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، وتستعد لاستضافة ” مؤتمر الرياضة العالمية الجديدة ” ، تقف المملكة على أعتاب مرحلة جديدة؛ مرحلة لا تعتمد فقط على موارد الأرض، بل على طاقات العقول وابتكارات الشباب.
السعودية لا تحاكي المستقبل. إنها تصنعه .