بقلم : أ – حذامي محجوب ( رئيس التحرير )
في زمن حيث يعلو فيه الصخب، تضيع الحقائق ،وسط ضجيج التصريحات، يبرز وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان كصوت مختلف.
يبرز كدبلوماسي يفضّل أن يتحدث بالإنجاز لا بالجدل، وأن يترك الأفعال تسبق الكلمات.
منذ أن تولّيه حقيبة الخارجية، جسّد الأمير فيصل ملامح الدبلوماسية السعودية الحديثة التي رسمت خطوطها رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: دبلوماسية تستند إلى ثبات المبادئ، تنفتح على الحوار، تحوّل التحديات إلى فرص.
إنها دبلوماسية هادئة في ظاهرها، عميقة في أثرها، تعكس طموح المملكة لتكون مركز ثقل إقليمي وعالمي، وجسرا بين القوى العالمية المتنافسة.
• القضية الفلسطينية… اختبار المبادئ
مع اندلاع أحداث 7 أكتوبر، وجد الأمير فيصل نفسه في قلب واحد من أعقد الملفات الدولية.
قاد جولات تفاوض مكثفة لوقف إطلاق النار وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، متمسكا بمبادئ واضحة: دعم الشعب الفلسطيني، والدفاع عن حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية.
لم يكن حضوره مجرد صوت تضامني، بل فعل وممارسة عملية لدبلوماسية تُصرّ على أن فلسطين قضية عدالة، لا ورقة مساومة.
• وساطات إقليمية وتحولات كبرى
لم يتوقف دوره عند فلسطين.
في السودان، تحرك للوساطة بين الأطراف المتنازعة، وفي العلاقات مع إيران لعب دورا محوريا في إرساء التوازن عبر اتفاق تاريخي أعاد فتح أبواب الحوار بين الرياض وطهران، فاتحا الطريق أمام استقرار إقليمي كم طال انتظاره.
هذا النهج جعل الدبلوماسية السعودية محط أنظار العالم كنموذج قادر على تحويل الصراع إلى فرصة.

• حضور عالمي متنام
على الساحة الدولية، كان حضوره في اجتماعات مجموعة العشرين لافتا. ظهر كصوت يعكس طموح المملكة في أن تكون شريكا رئيسيا في صياغة القرارات العالمية، ومؤكدا أن المملكة ليست متلقيا للأحداث، بل فاعلا مؤثراً يضع بصمته على مستقبل الاقتصاد والسياسة الدولية.
• صفات تصنع الفارق
ما يميز الأمير فيصل بن فرحان ليس فقط الملفات التي يديرها، بل الأسلوب الذي يقاربها به: هدوء أعصاب في أصعب اللحظات، دقة في اختيار الكلمات، قدرة استثنائية على الاستماع، ومرونة لا تُفقده صلابته.
إنه نموذج للقوة الهادئة التي تحظى باحترام الخصوم قبل الأصدقاء، وتحوّل لغة الدبلوماسية إلى أداة إقناع لا ساحة صراع.

• رؤية تتجاوز اللحظة
هذه التحركات ليست مجرد خطوات مؤقتة ،ولا معزولة، بل تعبير حي عن روح رؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى تحويل المملكة الى وجهة عالمية للاستثمار والمواهب، وقوة فاعلة على الساحة الدولية.
بعبارة صادقة ، ملهمة عكست بصمة قائد لا يعرف المستحيل، عبّر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن هذه الرؤية قائلاً: “لا أريد أن أفارق الحياة إلا وأرى الشرق الأوسط في مقدمة الدول العالمية.”هذه الكلمات لم تمنح الأمل للسعوديين فحسب ، بل أضاءت الطريق أمام كل العرب والمسلمين ، مؤكدة أن الطموح والريادة ممكنة لأي أمة تسعى للتقدم والتميز.
دبلوماسية الأمير فيصل هي الذراع التي تنقل هذه الرؤية من الداخل إلى الخارج، لتترجم طموحات المملكة الى انجازات ملموسة وحضور فاعل على المسرح الدولي.
إنه، في عالم يزداد اضطرابا، يصبح للدبلوماسية الهادئة وزن أكبر من الضجيج.
والأمير فيصل بن فرحان يجسّد تماما هذا المعنى: دبلوماسي يبني الجسور حين تُرفع الجدران، ويقدّم صورة جديدة عن السعودية كقوة توازن وحوار.
إنه أحد أعمدة السياسة الخارجية الحديثة، يمضي بثقة ليؤكد أن المملكة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لا تكتفي بالتأثير في محيطها، بل تسهم في رسم ملامح العالم القادم.